Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

رقصة النصر وراية الدم!

قَواد الملهى ينتصر ويرفع الخرقة المضمخة بالدم راية له. الجماهير السكرى من مشاهد الجثث تصفق له، وأصوات الانتقام تعلو في كل مكان، والعالم أعمى وأصم وأخرس وكأن الأمر لا يعنيه.

كان يمكن للتسوية أن تتم بأقل الخسائر وأن تحفظ كرامات الناس، لكن هيهات لمن اعتاش على اذلال من حوله أن يهنأ بمثل هذه التسوية.

كذب يتوالى ومنطق غائب ومصفقون يتباهون بالقوة الغاشمة، هذه القوة التي لو أرادت لأنهت المعركة منذ زمن طويل بدل تأجيجها كل هذه السنوات، يعاقبون الطفل الذي ولد والشيخ الذي أنجب بتهمة الإرهاب التي ألصقت بالجميع.

لا يعترف النظام بمعارضة سلمية كانت أم عسكرية والويل للجميع إن هم فكروا بالدفاع عن أنفسهم، أليست حربا ما نحن فيه؟ وهل الحرب تجوز لطرف ولا تجوز لآخر؟ ولو قبلنا بالحكاية التي تقول بقصف مسلحي الغوطة لمدينة دمشق وقدراتهم التي تجعل قذائفهم تمتد من باب توما إلى المهاجرين، ألا يكون من الأجدى لهذه الفصائل أن تعبئ الغاز القاتل بقذائفها تلك بدل أن ترميه في أحضان أطفالها؟

سئمنا عبثا امتد سنوات على أمل أن يكتفي القاتل من دماء أعدائه لكن بدل هذا نراه يتكاثر بالانشطار ويتوزع مع الهواء.

ألم يكن سكان الغوطة على استعداد للاستسلام والاعتراف بالهزيمة؟ ألم يخرجوا أمام كاميرات العالم يشكرون حرص هذا الجيش على حياتهم؟ أم أن رعشة النصر عند هذا الجيش جعلته عاجزا عن الاكتفاء؟
ليس صمودا ما يحدث وليس تضحية.. إنه مجرد استفزاز جربنا نتائجه عشرات المرات وأيقنا أن العناد مع هذا الكائن لا ينفع بل يزيده وحشيه، أما إذا كان ما يحدث هو انتفاضة النزع الأخير فعلينا العوض!
ثورة الحرية والكرامة، أين نحن منها اليوم! الحرية صودرت من كل الأطراف والكرامة تمرغت بالدم والتراب.

سيقول البعض، لماذا هربتم وفضلتم خلاصكم الفردي في هذه المقتلة؟ والجواب لأننا عرفنا منذ زمن أنها مقتلة للجميع، هربنا لنعلن براءتنا مما يحدث وكي لا نكون شهود زور يصطف مع هذا الطرف أو ذاك. هربنا على أمل أن يعلو صوتنا في فضاءات أرحب ليسمع العالم ويرى أن السوريين ليسوا إما جنود الأسد أو حاملي الرايات السود، السوريون هم نحن الحالمون بوطن لم نعرف معناه.

نحن الذين لم نعرف كيف نحب هذا الوطن لأننا لم نتذوق فيه إلا القهر، كان هاجس الشباب الأول في ذلك الوطن هو الرحيل بحثا عن عمل أو دراسة أو رغبة باستنشاق هواء نظيف، هؤلاء الشباب هم أول من آمن بالثورة وهم أول من شعر بحاجته لتلك الصرخات التي خرجت من الحناجر منذ سنوات سبع، وهؤلاء هم من كانوا الهدف الأول لرجال الأمن وكانوا أول الضحايا.

نحن الذين لم نعرف كيف نحب هذا الوطن لأننا لم نتذوق فيه إلا القهر، كان هاجس الشباب الأول في ذلك الوطن هو الرحيل بحثا عن عمل أو دراسة أو رغبة باستنشاق هواء نظيف، هؤلاء الشباب هم أول من آمن بالثورة وهم أول من شعر بحاجته لتلك الصرخات التي خرجت من الحناجر منذ سنوات سبع، وهؤلاء هم من كانوا الهدف الأول لرجال الأمن وكانوا أول الضحايا.

 

إذ عليكم يا من بقيتم في سوريا أن تتذكروا أننا لم نخرج بإرادتنا الحرة بل بالعكس خرجنا دفعا وكنا على يقين من الخطة التي تسعى لتفريغ البلد من أصواتها المسالمة، أما الذي كان لديه بصيص من الأمل للحوار مع هذا النظام، وأصر على عدم المغادرة وعلى محاولة إيجاد تسوية من الداخل فلقد ضاع في غياهب سجون مجهولة أو معلومة، والأمثلة كثيرة ليس أولها رزان زيتونة ورفاقها ولا آخرها عبد العزيز الخير ورفاقه.

واليوم… أما آن الأوان لهذا العرض أن ينتهي، أما آن الأوان لأن يسدل الستار، ها هي دول العالم تتداعى لعقد اجتماع عاجل لبحث الوضع في غوطة دمشق وكأن الأنفاس المخنوقة ستنتظر قرارهم، وها هي إسرائيل تضرب اليوم مستبقة اجتماعهم فهل ستعفيهم من التحرك الموعود؟

أم أنهم فعلا سيجتمعون ليصفقوا لتلك لعاهرة التي تختم رقصة النصر بحركة إباحية أمام قوادي العالم أجمع.