القصير: متطوعون يعيدون الحياة للمدينة رغم أنقاض الحرب

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

في مدينة القصير غربي حمص، حيث ما زالت آثار الحرب مرسومة على جدران المباني المحترقة وعلى وجوه الأهالي الذين عادوا إلى ديارهم بشجاعة، تواصل فرق تطوعية بذل جهود استثنائية لإعادة الحياة إلى المدينة التي دمرت بنسبة تفوق التوقعات.

وأكد محمد رعد، المتحدث باسم “حركة النهضة”، وهي مبادرة شبابية تطوعية أطلقتها مجموعة من أبناء المدينة بعد تحريرها، أن الهدف الأساسي للحركة هو إعادة القصير نابضة بالحياة بأيدي أبنائها أنفسهم.

وقال رعد في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “تشكلت حركة النهضة بدافع الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، وبإلحاح الحاجة إلى إعادة بناء المدينة التي أنهكها الدمار. كنا نعلم أن إعادة إعمار القصير لن يكون سهلاً، لكننا آثرنا أن نبدأ، ولو بخطوات متواضعة، نحو مستقبل أفضل”.

أعمال خدمية في ظل تحديات هائلة

وشملت أعمال الحركة عدة محاور أساسية، منها تنظيف الطرقات وإزالة الأنقاض، والاهتمام بالحدائق العامة والمساحات الخضراء عبر زراعة أكثر من 250 شجرة زيتون و200 شجرة زينة، كما أعيد تأهيل عدد من الحدائق التي كانت مكدسة بالنفايات والأشجار المدمرة.

كما اهتم الفريق بتقديم خدمات تعليمية وتوعوية للمجتمع، مع التركيز على نشر ثقافة العمل التطوعي، وتحفيز الشباب على المشاركة الفاعلة في إعادة إعمار مدينتهم.

لكن هذه الجهود لا تخلو من صعوبات، كما يشير رعد: “نواجه تحديات كبيرة تعرقل عملنا، أولها غياب الدعم المالي، حيث نعتمد فقط على الهبات الفردية والمساهمات الشخصية، دون أي دعم رسمي أو من مؤسسات دولية. كما يعاني الفريق من نقص المعدات اللازمة التي لا تتناسب مع حجم الدمار، بالإضافة إلى قلة عدد الذكور في الفريق، مما يجعل تنفيذ بعض الأعمال الصعبة أمراً صعباً”.

ومع ذلك، استطاعت الحركة تحقيق إنجازات تبعث الأمل، منها ترحيل أطنان من الأنقاض بالتعاون مع الدفاع المدني، ما ساهم في تسهيل حركة السكان، وتحسين المظهر العام لبعض المناطق. كما نجح الفريق في إعادة زراعة الأمل في قلوب الكثيرين، من خلال نشر ثقافة العمل التطوعي وتشجيع الشباب على المشاركة.

احتياجات ملحة تتطلب دعماً أكبر

ويؤكد رعد أن احتياجات القصير اليوم أكبر من طاقة الفرق المحلية: “المدينة ما زالت تحت الركام، وتحتاج إلى دعم كبير وسريع. البنية التحتية منهارة، وشبكة الصرف الصحي تهدد الصحة العامة، إذ تشكلت مستنقعات مكشوفة في بعض المناطق. كما أن المركز الصحي الوحيد غير كاف لتغطية الحالات الطبية، ولذلك نطالب ببناء مستشفى جديد”.

وأضاف: “80% من البساتين التي كانت تشكل مصدر رزق لأغلب العائلات قد دمرت، لذا فإن إطلاق حملات دعم زراعي أمر ضروري. كذلك هناك حاجة ماسة إلى إعادة إعمار المنازل التي يسكن كثير منها الناس في ظروف غير آمنة، كما أن أزمة النفايات أصبحت بحاجة إلى حلول عاجلة”.

أرقام صادمة لحجم الدمار

وتتحدث الأرقام عن حالة المدينة بشكل صارخ:

* 95% من المدارس إما مدمرة أو خارج الخدمة.

* 80% من المنازل غير صالحة للسكن.

* 100% من البيوت نهبت.

* 80% من البيوت بلا أبواب أو نوافذ.

* 90% من البنية التحتية تحتاج إلى صيانة شاملة.

* 95% من البساتين دمرت بالكامل.

* 95% من الطرقات متضررة بفعل القصف والانهيارات.

رسالة أمل من وسط الدمار

رغم كل الصعوبات، ما زال فريق حركة النهضة يصر على أن تكون القصير نموذجاً يحتذى به للنهوض المجتمعي: “نحن لا نملك المال ولا المعدات الكبيرة، لكننا نملك الإرادة والإيمان بأن القصير تستحق الأفضل، وأن المستقبل يبدأ بخطوة واحدة، ونحن نمشي بها اليوم، حتى لو كانت بطيئة”، حسب رعد.

وفي الوقت الذي تنتظر فيه المدينة دعماً أكبر من الجهات المعنية، تبقى حركة النهضة نبراساً صغيراً يلمع في ظلام الحرب، ليذكر الجميع أن الأمل ما زال ممكناً، وأن الحياة يمكن أن تعود حتى من بين الأنقاض.

مقالات ذات صلة