Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

أستانا التاسعة والبحث عن طريقٍ للحل السياسي

أستانا التاسعة والبحث عن طريقٍ للحل السياسي

أعلنت وزارة الخارجية الكازاخية ” أنّ الدول الثلاث الضامنة في عملية أستانا أكّدت عقد الاجتماع الدولي التاسع رفيع المستوى حول سورية في 14 و15 مايو/ أيار المقبل، وهذا الإعلان سبق الضربة الجوية الاسرائيلية الواسعة على قواعد الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له في سورية.

الضربة الإسرائيلية وجّهت رسائل واضحة إلى الضامن الإيراني تقول له فيها: “المطلوب خروج القوة العسكرية التابعة لإيران من سورية، وإلا ستتوسع الحرب الإسرائيلية وربما الأمريكية معها ضد التواجد الإيراني في سورية والمنطقة”.

إذاً، يمكننا أن نقرأ اللوحة السابقة بطريقة موضوعية فنقول إن الضامنين الثلاثة (روسيا – إيران – تركيا) هم متقاطعون على “رقعة حلٍ سياسي مؤقت” وبالتالي هم ليسوا حلفاء، وهذا يعني أنّ الضربة الاسرائيلية لم تكن تريد النيل من روسيا وتركيا وإنما تريد النيل من الوجود العسكري الإيراني ودوره في سورية.

الإسرائيليون واضحون في مطلبهم وإرادتهم على الفعل، ويقف خلف هذا المطلب والفعل الولايات المتحدة الأمريكية حين يقولون “سنشن غارات حتى في العمق السوري بهدف منع إيران من التمركز عسكرياً في هذا البلد”.

وبعد الضربة وتدمير أغلب القواعد العسكرية الإيرانية في سورية هل ستبقى إيران دولة ضامنة؟

هذا السؤال سيجد طريقه للنقاش الجدّي على طاولة مفاوضات أستانا التاسعة، فالضامن ينبغي أن يكون ضامناً حقيقياً على الأرض يستطيع تنفيذ ضماناته، والإيرانيون بعد الضربة لن يكون بمقدورهم أن يحققوا ذلك، فقوتهم العسكرية تمّ سحقها وتدمير أغلبها، وهذا مؤشر على أن طريق أستانا المربك أساساً سيزداد إرباكاً أكثر فأكثر.

طريق أستانا ليست طريقاً كافيةً لاشتقاق حلٍ سياسي في وقت تزدحم فيه القوى العسكرية الأجنبية في سورية، فكيف تُغمض أطراف أستانا وتحديداً الطرف الروسي أعينهم عن رؤية وجود قوى عسكرية دولية على الأرض السورية لم تأت للنزهة بل أتت للدفاع عن مصالح دولها في هذه المنطقة.

الضعف الإيراني بعد الضربة الإسرائيلية سيزداد مترافقاً ذلك مع ضغوط سياسية واقتصادية وعسكرية على هذا الدور المزعج للسوريين وللجوار الإقليمي وللغرب، فما الذي تستطيع أستانا التاسعة أن تُنجزه على طريق الحل السياسي؟

نعتقد أن هذا الاجتماع لن يغيّر في معادلات الحل السياسي شيئاً إلا في حالة واحدة هي الإعلان صراحة على أن أستانا تمهّد الحل في جنيف وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ووفق بيان جنيف.

قوة أستانا تراجعت بالمعنى القريب والبعيد على صعيد تلمس حلٍ سياسي، والأمريكيون وكل حلفائهم يريدون طرد النفوذ العسكري الإيراني من سورية والمنطقة، وعودة الإيرانيين إلى بلادهم دون التدخل بشؤون المنطقة والجوار الإقليمي.

وما دامت قوة أستانا تعرضت للاهتزاز؛ لا يبقى أمام الروس وهم من اخترع هذا المسار للالتفاف على القرارات الدولية إلا إزالة الغشاوة عن أعينهم والتخيل غير الممكن عن أذهانهم وقبول الانخراط الجدي والفاعل في محادثات جنيف، وطريق جنيف طريق تلتقي أصلاً مع التصور التركي الذي يعتبر أن جنيف وقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصراع السوري هي مكان الحل السياسي الوحيد.

الأتراك معنيون في جلسات أستانا التاسعة أن يعبروا عن هذه الحال واتجاهاتها بشكل واضح وعقلاني ودون الوقوع بشرك الوهم الروسي الذي كان يتفرج من شرفة حميميم على الحرائق الناتجة من ضربات الطيران الاسرائيلي على مواقع عسكرية إيرانية في سورية.

الأتراك معنيون بالسلام في سورية وبعودة اللاجئين السوريين أكثر من الروس والإيرانيين لأنهم دولة جوار ودولة علاقات تاريخية مع الشعب السوري.

فهل يطرح الوفد التركي هذه الرؤية على طاولة أستانا مما يعجّل من قبول موسكو بوضع محادثات جنيف على سكة صالحة وبقبولهم وقناعتهم أن جنيف طريق الحل السياسي الوحيد الصالح والقابل للتنفيذ، والذي يحفظ حقوق الشعب السوري ويفتح بوابات السلام في المنطقة؟

هل هناك إمكانات لقبول الروس بذلك بعد أن انسحب الأمريكيون من الاتفاق النووي مع إيران والذي وقعته الدول الخمس دائمة العضوية، إضافة إلى ألمانيا مع إيران؟ وهل يبحثون بجدية عن تقاطعات سياسية لهم مع الغرب وفق قاعدة الممكن وليس وفق قاعدة لي الذراع التي اتبعوها عبر ملف الصراع في سورية؟

سؤالنا هذا يبقى قيد استفهامه إلى الوقت الذي تتضح فيه نتائج الجلسة التاسعة لمفاوضات أستانا وإنّ غداً لناظره قريب.