Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

مواقع موالية للنظام: حالات انتحار بسبب الأزمات المعيشية


أحمد زكريا – SY24

ما تزال الأزمات المعيشية وسوء الأوضاع الاقتصادية وغياب أبسط الخدمات أو حتى أدنى مقومات الحياة تلقي بظلالها المأساوية على المدنيين في مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي خلق ضغوطات نفسية دفعت بعدد من الأشخاص للانتحار بسبب الفقر أو عدم القدرة على مواجهة متطلبات الحياة.

وتحدثت مواقع إعلامية محسوبة على نظام الأسد ومنها موقع “سناك سوري”، عن ازدياد حالات الانتحار في مناطق وجود النظام وقال: ” كثرت محاولات الانتحار خلال السنوات الأخيرة، حيث أقدم خمسيني على رمي نفسه من شرفة منزله في “حمص”، كما أقدم آخر للانتحار بتفجير قنبلة بنفسه، والتي يعود الكثير منها إلى سوء الأحوال المعيشية الصعبة”.

كما أشار الموقع ذاته، إلى “محاولة فتاة من مدينة “طرطوس” الانتحار من على سطح أحد الأبنية، والسبب هو أنها تعاني من ظروف اقتصادية صعبة بعد فقدان زوجها الذي لا تعرف عنه شيئاً منذ خمس سنوات، طالبة أن يتم مساعدتها لتأمين احتياجاتها لتتمكن من تربية أطفالها”.

 توقعات بازدياد حالات الانتحار
وكان موقع “سناك سوري” نشر في العام 2017، خبرًا عن انتحار شاب من سكان حي “الزهراء” المالي للنظام في مدينة حمص، وذكر الموقع أن السبب هو “الفقر وتردي الأوضاع المعيشية”.

الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية “أيمن دسوقي” أوضح أن حالات الانتحار أو محاولاتها ازدادت بشكل عام في سورية سيما في مناطق سيطرة النظام، فالبيئة السائدة بأصلها محفزة للانتحار لافتقادها للاستقرار المادي والخدمي، وضعف منظومتها القيمية وتماسكها المجتمعي، بخلاف ما يروج له النظام من عودة الاستقرار والأمن والأمان.

وأعرب خلال حديثه لسوريا 24، عن اعتقاده بازدياد تلك الحالات وقال: من المتوقع جداً أن نشهد تزايد معدلات الانتحار طالما بقيت الأسباب المحفزة له قائمة، أمام غياب أي جدية من قبل النظام وافتقاده القدرات والأدوات التي تمكنه لمعالجة هذا الوضع.

أسباب اقتصادية واجتماعية وراء الانتحار
وعلى الرغم من عدم وجود احصائيات دقيقة لحالات الانتحار في مناطق سيطرة نظام الأسد بسبب سوء الأوضاع المعيشية، إلا أن مصادر إعلامية تحدثت عن توثيق أكثر من 50 حالة انتحار في العام 2018.

ونقل موقع “تلفزيون الخبر” عن رئيس هيئة الطب الشرعي في سوريا الدكتور “زاهر حجو” قوله: إنه منذ بداية سنة 2018 حتى الشهر التاسع منها، كان عدد حالات الانتحار في سوريا 55 حالة 40 منهم للنساء و15 للرجال” معتبرًا أنه عدد منخفض حسب المعدل العالمي.


الاستشاري الاقتصادي “يونس الكريم” اعتبر أن حالات الانتحار في مناطق النظام في سوريا سببها اجتماعي اقتصادي وقال: إن مسألة التغيير الديمغرافي وشور المواطنين داخل سوريا بالغربة، إضافة لزيادة المسؤوليات وانهيار العملة السورية، وعدم وجود البنية الاجتماعية السابقة التي كانت تتعاضد فيما بينها لمواجهة متطلبات الحياة، يضاف إلى ذلك مسألة التجنيد الإجباري والشعور الدائم بأن هناك من يراقبك وانعدام الحريات، كلها عوامل خلقت ضغوطا نفسية سببها النظام، دفعت بعدد من الأشخاص للانتحار.

وبحسب “الكريم” فإننا سنشهد مزيدًا من حالات الانتحار في حال استمرار الأزمات المعيشية في مناطق النظام، وقال لسوريا 24: سنشهد مزيدا من حالات الانتحار ولكن ليس بالمعنى الحقيقي وانما بالمعنى المجازي، فكلما زاد التغيير الديمغرافي وزاد تردي الأوضاع الاجتماعية، فإن المجتمع سوف يجنح نحو امتهان الجريمة المنظمة بكافة أنواعها، وبالتالي سوف تفقد دمشق الكثير من ميزاتها كحاضنة مدنية اجتماعية.

تصاعد حدة الانتقاد الشعبي
ودفع تدهور الحالة المعيشية للسوريين في مناطق سيطرة النظام، وسائل الإعلام الغربية لتسليط الضوء على تلك الحالة بعد 8 سنوات من عمر الثورة.

ونقلت عدة مصادر إعلامية عن صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أشارت فيه إلى أن أن الحياة باتت قاسية جداً على السكان في سوريا، في ظل غياب أبسط الخدمات وانتشار البطالة بين الشباب، وهو الأمر الذي يفتح باب التكهنات أمام ثورة ثانية ضد نظام الأسد.

وبحسب التقرير، فإن 19 مليون سوري يعيشون داخل البلاد، بينهم ثلث هذا الرقم يعيشون خارج سيطرة النظام إلى الآن، بحسب الأرقام شبه الرسمية، التي تؤكد أن 89% من السكان يعيشون حالة من الفقر، وأن عدداً كبيراً منهم يعتمدون على ما يصل إليهم من مساعدات.

وفي هذا الصدد قال الباحث في مركز عمران ” أيمن دسوقي”: إن المؤشرات ذات الصلة  تفيد بانخفاض حاد في نوعية الحياة وتردي الخدمات، مضافاً إليهما تدهور الوضع الاقتصادي، الأمر الذي انعكس سلباً على الوضعين المعيشي والاقتصادي لعموم السكان في مناطق سيطرة النظام، وأدى ما سبق إلى تصاعد حدة الانتقاد الشعبي معبرة عن نفسها بشكل واضح في وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تخضع كلياً لسيطرة ورقابة النظام، إضافة إلى بروز حالات احتجاج محلية الطابع في عدة مناطق.

وتابع بالقول: إنه وعلى الرغم من سوء الأوضاع لكنها لم تصل بعد لعتبة حرجة تصبح معها احتمالات قيام احتجاجات على نطاق واسع أكثر واقعية، حيث يتبع النظام تكتيكات تحول دون تشكل كتلة حرجة محفزة للاحتجاجات، عبر تخصيص قطاعات محددة سيما المواليين له بمزايا دون غيرهم، كذلك تباين المطالب المحلية وقواها المجتمعية المنهكة، إضافة إلى تشديد القبضة الأمنية، وممارسة التشويش عبر تملص قيادة النظام من المسؤولية وتحميلها للجانبين الأمريكي والأوربي بعقوباتهما، كذلك لتقصير وفساد الحكومة.

نقمة متصاعدة واحتجاجات

وجاء في تقرير “واشنطن بوست” أن الآلاف من الرجال السوريين الذين كانوا مجندين ضمن الجيش النظامي صاروا يعودون إلى مناطقهم بعد نهاية أغلب المعارك، غير أنهم لا يجدون وظائف، كما أن الحرب الطويلة غذت الفساد على نطاق غير مسبوق، ومما ضاعف هذا التحدي اليومي للمواطن، انتظاره الطويل بالساعات من أجل تأمين الاحتياجات الأساسية، وهو أمر كثيراً ما يدفعهم إلى دفع الرشوة.

ويرى الاستشاري الاقتصادي “يونس الكريم” أن حالة تردي الأوضاع المعيشية ستتحول إلى نقمة متصاعدة وإلى احتجاجات وليس “ثورة”، وسنرى ارتداداتها من خلال زيادة نسبة الجريمة والفساد، وازدياد نسبة الانضمام للعمل الميليشياوي المسلح وللشركات الأمنية، وبالتالي سوف تجنح سوريا بشكل عام نحو الوضع الأمني والاجتماعي السيء، وستكون الاحتجاجات تعبيرا عن هذا الواقع السيء وعن مرارة الواقع المعاشي.

واستبعد “الكريم” أن تؤدي تلك الأزمات المعيشية لثورة ضد الأسد مرجعاً ذلك لعدة أسباب من أبرزها، أن معظم العناصر الفعالة لإقامة ثورة على هذه الأوضاع تم تهجيرها إلى خارج سوريا أو إلى أطراف بعيدة جدا، وبالتالي أصبح الرعب هو المسيطر على الناس الأشد ولاءً للأسد، وأن من بقي محكوم بالخوف الشديد مما سوف يحدث.

أما السبب الآخر، فيرى “الكريم” أن معظم من تبقى من موالين للأسد انخرطوا بالعمل المسلح وبعمليات التعفيش والسرقة والجريمة المنظمة، وبالتالي هؤلاء تجاوزا مرحلة الثورة لأجل فقدان مجموعة من السلع، وباتوا يعتبرون أنهم كلما تقربوا من الأسد كلما زاد نفوذهم المالي والسياسي والعسكري.

نصر عسكري للنظام أم “كابوس”

ويرى مراقبون ومحللون أن ما يجري في مناطق سيطرة النظام على أنه نصر عسكري كبير للنظام، إلا أنه لم يترجم على أرض الواقع في تحسين الحالة المعيشية.

وفي هذا الصدد قال “الكريم”: إن نظام الأسد لم يكن يطمح لهذا النصر العسكري الذي تحقق بوجود الروس والإيرانيين، بمعنى أن النظام لم يكن يريد تحرير مناطق الغوطة أو درعا بالكامل كما يتصور الجميع، بل كان يريد أن يأخذ الأمور على مراحل لإعادة هندسة الأمور وترتيبها وفق ما يخطط له.

وأضاف، أن الروس استعجلوا بعملية السيطرة على مناطق المعارضة، ما شكل صدمة كبيرة للنظام الذي كان وضعه المادي سيء، وكان يعتاش على المساعدات المقدمة للمعارضة بسد احتياجات حاضنته الشعبية.

ويرى “الكريم” أن النصر العسكري أصبح كابوسًا بالنسبة للنظام بسبب انعدام المساعدات التي كان ينعم بها والتي كانت تقدم للمعارضة، ومما زاد الطين بلة هو مسالة الحديث عن استحقاق الحل السياسي يضاف إلى ذلك العقوبات الأمريكية الأوروبية المركبة على النظام وداعميه، كل ذلك جعل الحياة صعبة جدا وبالتالي عجز النظام عن تحسين الواقع المعيشي أو حتى الاحتفال بهذا “النصر العسكري”.