Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تفاصيل مؤلمة تعيشها النساء في المخيمات شمال سوريا 

خاص - SY24

اختلف أسلوب حياة النساء المقيمات حالياً في مخيمات الشمال السوري، عن حياتهن السابقة في منازلهن التي هجرنّ منها منذ سنوات، بفعل القصف الجوي وسيطرة قوات النظام على مدنهم وقراهم، وزاد ذلك من معاناتهم في أدق تفاصيل حياتهم اليومية، ما انعكس سلباً على صحتهن النفسية والجسدية، إضافة إلى تحملهنّ أعباء تربية الأولاد في بيئة تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

السيدة الأربعينية “زكية العلي” مقيمة في مخيمات بلدة أطمة شمال إدلب، أصيبت بالتهاب حاد في أعصاب يديها، بسبب اعتمادها على الغسيل اليدوي بشكل شبه يومي، لعدم امتلاكها غسالة تعمل على الكهرباء، تقول في حديثها إلى مراسلتنا إنها: “تضطر للغسيل على يديها، لأطفالها الخمسة، وخاصة أن المنطقة التي تسكن فيها طينية، وتحتاج تبديل ملابسهم بشكل دائم، إثر عودتهم من المدرسة”.

أخبرها الطبيب المشرف على حالتها في مركز صحي مجاني، أنه يجب عليها التوقف عن الغسيل اليدوي، وتناول الأدوية والمسكنات، إلى أن تتحسن حالتها وإلا فإن التهاب الأعصاب في يديها قد يزداد بشكل أقوى من الآن.

لاتملك السيدة غسالة تغسل عليها، وذلك بسبب تردي أوضاعها المعيشية، منذ وفاة زوجها بقصف طال منزلهم في مدينة خان شيخون قبل سنوات، تقول لنا إنها “تحتاج إلى بطارية كبيرة، وألواح تعمل على الطاقة الشمسية إضافة إلى الغسالة، ومحول كهرباء، لتتمكن كباقي النساء من الغسيل عليها والتوقف عن الغسل اليدوي”. وهذا كله غير متوفر لديها، فهي تعيش على كفالة أحد أطفالها التي لا تتجاوز 800 ليرة شهرياً.

معاناة “زكية” تلخص حال مئات العائلات في الشمال السوري، ولاسيما المخيمات القماشية التي تفتقر إلى كثير من مقومات الحياة والبنية التحتية، كما يزيد فصل الشتاء، والجو الضبابي وغياب الشمس، من نفاذ شحن البطاريات التي تعمل على الطاقة الشمسية، ما يجعل المرأة مضطرة للغسيل اليدوي بالمياه الباردة في درجات الحرارة المنخفضة، رغم وجود غسالة لديها، ما يتسبب بآلام عصبية وتقرحات جلدية لأيدي الأمهات.

بينما تعمل السيدة “جميلة 38 عام” مهجرة من ريف إدلب الجنوبي، مقيمة في مخيم سكني بمنطقة دير حسان، في الأراضي الزراعية، وقت جني المواسم، وحالياً تعمل في تعفير أشجار الزيتون، لتأمين لقمة عيش لأطفالها الأيتام.

تعود “جميلة” من عملها قبل غروب الشمس، تسرع لطهي طعام الغذاء لأطفالها، وإكمال تنظيف منزلها الذي تركته منذ ساعات الصباح الأولى، وتبذل جهداً مضاعفاً في عملها داخل وخارج المنزل بشكل يومي، ما سبب لها شحوباً في وجهها ونحولة واضحة في جسدها.

تخبرنا “جميلة” أنها إلى اليوم تطهو على “بابور الكاز” لعدم امتلاكها أسطوانة غاز، و كونها تشتري “الكاز” أول بأول، ولكنها لا تنكر إصابتها بالتهاب القصبات الرئوية بسبب الدخان المنبعث منه، كذلك مرض أطفالها نتيجة ذلك، إضافة إلى صعوبة إشعاله في كل مرة، ليس ذلك فحسب، بل إنها تغسل على يديها أيضاً، لعدم امتلاكها غسالة.

أجبرت ظروف الحرب والفقر والنزوح مئات النساء أمثال “جميلة، وزكية” على التأقلم مع الواقع الصعب، متحملين كل العواقب والأمراض والحالات النفسية السيئة التي تصبيهن نتيجة ذلك، فكثيرات منهن لم يعتدن على تلك الأعمال من قبل، كالطبخ على النار، والغسيل اليدوي، وغسل الأواني المنزلية بالمياه الباردة في فصل الشتاء، و إشعال المدافئ على مخلفات البلاستيك والنايلون والكرتون، كل تلك التفاصيل الشاقة تحتاج إلى جهد مضاعف من النساء.

يذكر أن “فريق منسقو استجابة سورية” ذكر في تقرير له مطلع شهر أيلول من العام الجاري، أن أكثر من 1.8 مليون نازح يعيشون في أكثر من 1.633 مخيم لاتتوفر فيها متطلبات التعامل مع العوامل الجوية المختلفة، إضافة إلى قدم الخيم وانتهاء العمر الافتراضي لها، مما يزيد المخاوف من إصابة العديد من الأطفال والنساء وكبار السن في المخيمات بأمراض عدة منها الأمراض الجلدية.