Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تجارب قاسية عاشتها صحفيات وناشطات في الشمال السوري 

خاص - SY24

كانت مهمتهن أكثر صعوبة من أي وقت مضى، وواجبهن مختلفاً عن باقي الأيام العادية، حيث بذلنا جهوداً مضاعفة في الحقل الإعلامي، لإيصال الصورة الحقيقية أثناء الاستجابة لكارثة الزلزال، أياماً قاسية عاشتها الصحفيات والناشطات الإعلاميات في محافظة إدلب وريف حلب، شمال غربي سوريا، منذ السادس من شباط (فبراير) الماضي وحتى اليوم، وكنّا أهلاً لتلك المهمة والمهنة المتبعة، طالما خضنا تجربة سابقة، في أيام الحرب والقصف والنزوح والتهجير.

تقول “سلام زيدان” ناشطة صحفية مستقلة، تعمل بعدة مواقع إعلامية، في حديث خاص لمنصة SY24: إنها “عاشت الكارثة مع وأطفالها وزوجها في المنزل، وسرعان ما خرجت للشارع ترصد خوف الأمهات والأطفال، الذين نجوا من موت محقق، وأصبحت ناقلة للحدث والأخبار في عدة وسائل إعلامية، وأنجزت عدة تقارير صحفية تناولت فيها الوضع الكارثي الذي تعيشه المنطقة، بما فيها المشافي والاستجابة الطارئة، لتكون صوتاً من قلب الحدث، يرصد الوضع بعين الصحفيات السوريات”.

تعمل “سلام” منذ سبع سنوات في المجال الإعلامي تخبرنا أنها كانت وباقي العاملات في المجال الإعلامي، لسان المرأة في الشمال السوري، وصوتها الذي تود أن يصل للمجتمع، وكانت عينها التي ترى وتنقل الأحداث، من وجهة نظر النساء، كونهن الأقرب لهن، الأقدر في نقل معاناتهن، وقصصهن، ومطالبهن، في مختلف الظروف التي عاشوها، كونها واحدة منهن.

تقول لنا: “في اليوم الأول للزلازل، استوعبت أني لست فقط متضررة أو ناجية وأم لثلاثة أطفال، بل أنا أمام مهمة أصعب، وعليّ أن أتغلب على ظروفي الخاصة، وأمارس عملي وواجبي المهني، مثل عشرات الصحفيات والإعلاميات الموجودات في الشمال السوري”.

تلك الأفكار والمواقف عاشتها أيضاً “سوسن الحسين” ناشطة في المجال الإعلامي منذ عدة سنوات، تقول في حديث خاص إلينا :”لم يكن من السهل عليّ كصحفية أن أقوم بعدة أدوار في آن معاً، ففي اللحظات الأولى من الزلزال كنت أفكر كأم، وعليّ أن أشعر أطفالي بالأمان، هذا بعد الدقائق الأولى من انقضاء الزلزال”

تضيف أن اللحظات الأولى كانت صادمة، ثم انتقلت لمرحلة استيعاب ما حصل، وبدأت تفكر بواجبها الصحفي، وضرورة تغطية الحدث ونقل الوقائع، وهو ضرورة تقع على عاتقها هي وجميع والإعلاميات/ين في المنطقة.

رصد الأحداث وتقدير الأضرار، أهم المواضيع التي تحتاج لتغطية سواء كان ذلك بهدف التوثيق أو بهدف تسليط الضوء على أهم الاحتياجات في كافة القطاعات، ولاسيما القطاع الطبي، تخبرنا أنه من هنا جاء دورها ككاتبة في جمع المعلومات وإنتاج عدة مواد صحفية، تسلط الضوء على تلك المواضيع، فضلاً عن دورها كعضوة في لجنة طوارئ شكلتها مجموعة من الناشطين، للمساهمة معهم في تنفيذ بعض الأنشطة و تأمين بعض الاحتياجات للعائلات المتضررة.

“إنها مهمة صعبة”، تقول “سوسن”: لكن المؤسسة التي أعمل معها كانت سنداً وداعماً معنوياً لي، من خلال تحفيزنا على العمل وعدم الاستسلام للصدمة، حتى لا ندخل في مرحلة اكتئاب أو نصاب بالتروما التي تهدد الصحفيين وقت الأزمات، لذا كان عليّ التوفيق بين عملي كصحفية وبين كوني أم وفرد من هذا المجتمع المنكوب.

أثناء الاستجابة للكوارث والحروب، كان دور الصحفيات السوريات عظيماً جداً ولاسيما في فاجعة الزلازل الذي ضرب المنطقة وخلف آلاف الضحايا والمصابين، من خلال تسليط الضوء على احتياجات النساء وسط تضرر آلاف العائلات ولجوئها إلى مراكز الإيواء الجماعية، فكان دور الإعلام في تسليط الضوء على متطلباتهن الخاصة، ولوازمهن النسائية، التي تم تهميشها في بداية الاستجابة، من هنا ظهرت أهمية وجود النساء الإعلاميات في قلب الحدث لأنهن الأقدر على نقل معاناة النساء واحتياجاتهن.

 

كثيرة هي قصص النساء اللواتي يعملن في المجال الإعلامي، لنقل صورة مجتمعاتهن وسط الكوارث الطبيعة أو مآسي الحروب التي شهدتها المنطقة، هنا تجبرنا الناشطة الإعلامية “راميا الأخرس” مراسلة SY أنها عملت في الساعات الأولى من وقوع الزلزال كمراسلة لأهل المنطقة، كونها تسكن في سلقين، إحدى المناطق المتضررة، ولم يكن من السهل عليها أن تمارس عملها الإعلامي الإنساني في آن واحد.

توقفت عدسة “راميا” عن التصوير، فالمصاب جلل، الكارثة عظيمة حسب قولها، تخبرنا أنها شاركت في الإنقاذ والبحث عن الناجين ولاسيما أن قسماً كبيرا منهم من أبناء مدينتها، وعلى معرفة شخصية بها، تقول في حديثها إلينا، “لا أنسى لحظة انتشال جثة صديقة ابنتي في المدرسة، كان قلبي يتقطع على عائلتها، ماتوا جميعاً تحت الأنقاض، وكنت ممن ساعد في انتشال الجثث”.

كانت “راميا” صلة الوصل بين أهل الضحايا وأقاربهم في المناطق الأخرى، للتأكد من نجاتهم وسلامتهم، وأمضت الأيام الأولى في صدمة كبيرة، لما سجلته عدسة عينها ذاكرتها، فيما عجزت كاميرتها عن التقاط تلك الصور، تقول ” إنها المهمة الأصعب التي أمارسها في حياتي طوال السنين الماضية”.

سلام، وسوسن، وراميا، وعشرات الناشطات في المجال الإعلامي من النساء السوريات، اثبتنا أنهن كنا مقاتلات في الصف الأول على خطوط الفاجعة التي حلت بالمنطقة، فضلاً عن دورهن خلال السنوات الماضية في الثورة السورية، من خلال تسليط أقلامهن وعدساتهن على معاناة الأهالي في الشمال السوري.