Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الأنماط التي لعبتها المرأة خلال الثورة السورية..  وقائع وتحديات

خاص - SY24

برز دور المرأة السورية  الفعال خلال سنوات الثورة الماضية، منذ البداية وحتى اليوم، في عدة مجالات منها الإعلامي والإغاثي والإنساني، والاجتماعي السياسي، وكان لها دوراً كبيراً في تأسيس شبكات ومجموعات نسائية، وظفت كل الإمكانيات المتاحة ووفير الدعم والتمكين اللازم لها في الداخل السوري.

في لقاء خاص مع المحامية “هدى سرجاوي”، في يوم المرأة العالمي للحديث عن أهم الأنماط التي لعبتها المرأة خلال السنوات الماضية، تقول لنا، “رغم تصاعد وتيرة الحرب لم تيأس المرأة السورية، بل حاولت إيجاد حلول ونشاطات مختلفة، متحدية العنف وخطورة العمل تحت  هذه  الظروف اللاإنسانية، وفي ظل تخلي العالم عن مساعدة السوريين، اضطرت المرأة إلى مداواة جراحها بنفسها، والتعامل مع الأزمات والطوارئ كامرأة ورجل في الآن ذاته، فتحملت المسؤولية المزدوجة، وكانت حاضرة في كل المجالات”.

رغم أن  دور النساء في سوريا كان مقيداً بمجموعة من العادات والتقاليد، إلا أن المرأة انخرطت في أدوار جديدة فهناك الكثير من النساء بحثت في إيجاد حلول للقضايا المحلية، ومواجهة القتل والدمار، كما ظهرت شخصيات نسائية بمثابة “قائدات رأي” في المجتمع السوري.

وتخبرنا “السرجاوي” أن الواقع السوري دفع بكثير من النساء لمعرفة الأوضاع السياسية، وتكوين رأي حول ما يجري حولهن من خلال تحليل الأخبار، إذ ساهمت الثورة بفتح أفق جديد للنساء السوريات وأصبحن أكثر حباً للتعلم واكتساب مهارات جديدة، في حين اتجهت كثيرات منهن إلى تكثيف أنشطتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة (فيسبوك) والمدونات الالكترونية، كمنبر يتحدثن من خلاله بحرية ضد القمع والظلم.

وأضافت أن هناك نساء أخريات قمن بمبادرات تنموية وافتتاح مراكز نسوية بهدف تدريب النساء على مهارات جديدة، ركّزت على النساء والشابات اللواتي لم يكملن تعليمهن لأسباب أمنية، وعلى الأرامل اللواتي يحتجن مصدر دخل لدعم عائلاتهن.

كما اضطرت شريحة أخرى من النساء للانخراط في مجالات لم تكن تعمل بها من قبل، وتأدية أعمال تحتاج إلى مجهود عضلي وجسدي كبير لا يحتمله إلا الرجال، كل ذلك بأجور زهيدة  مقابل جهد جسدي كبير لتأمين قوت أسرهن دون الحاجة لأحد.

أما عن دور المرأة والقيادة، تحدثنا “السرجاوي”، أن الحرب رغم مأساتها كانت دافعاً كبيراً للنساء لاكتشاف إمكانياتهن، والدخول في عوالم لم يخضنها من قبل، لتحقق عدد منهن استقلالاً مادياً وتمكيناً اقتصادياً وعلمياً، وتدخل مجالات صناعة القرار وتقرير المصير وخلق تغيير إيجابي في المجتمع، متحديةً بعض شرائح المجتمع التي ترفض فكرة كسر الصورة النمطية للمرأة، و تبوئها مناصب قيادية في المجتمع.

وفي ذات السياق، تحدثنا “أحلام الرشيد” ناشطة إنسانية ومسؤولية، حماية في شمال غربي سوريا، عن دور المرأة السورية في بناء المجتمع، في ظل ما يجري على الساحة السورية، منذ بدايات الثورة وإلى اليوم تقول لنا “شاركت المرأة يد بيد مع الرجل في الحراك السلمي المظاهرات، ثم وثقت حالات الاعتداء المسلح على المتظاهرين، والاعتقال التعسفي، كما أنها تعرضت للاعتقال والتعذيب بسبب مواقفها الثورية، وكانت مثال للصمود ضد القمع والعنف”.

وأضافت أن المرأة شاركت في كافة مجالات الحياة فكانت الأم والمربية، والمعلمة، والطبيبة، والمحامية، وصانعة قرار في المجالات السياسية، رغم تحجيم دورها إلا أنها إلى اليوم تناضل لنيل حقوقها كاملة.

وعن أبرز التحديات التي واجهتها للمرأة خلال الثورة السورية، كان التحدي الأمني، والقصف والخوف من الاعتقال، إضافة مرحلة النزوح وتأثيرها على المرأة  وتردي الأوضاع الإقتصادية في ظل زيادة أعباء المرأة ومسؤولياتها، والعادات والتقاليد الاجتماعية التي تعيق مشاركة المرأة.

وهنا أثبتت المرأة السورية نجاحها في كل الأدوار التي لعبتها أثناء الثورة رغم وجود تلك التحديات  فضلاً عن الصعوبات الاجتماعية التي تمثلت بالعادات والتقاليد والبيئة المحيطة، وحجمت دورها وفق أطر معينة، غير أنها شقت طريقاً صعبا وسط تلك التحديات ووصلت إلى النجاح و أوصلت صوتها إلى المحافل الدولية.

وأضافت “الرشيد ” أن المرأة السورية حملت عبء الأسرة بسبب استمرار الحرب لأكثر من عقد، ما تسبب بفقدان المعيل لمئات آلاف الأسر، فاصبحت المرأة هي المعيل والأب والأم لأطفالها، ولاسيما في مراحل النزوح والتهجير والاوبئة

اليوم وبعد 12 عام، تقول “الرشيد” إن المرأة حققت شيئاً عظيماً خلال السنوات الماضية، وإلى الآن لم تنته مهمتها فهي قادرة على النجاح أينما وضعت، وفي كافة المجالات، سواء وجودها في المجالس المحلية، أو الوزارات أو المجالات السياسية الأخرى.

أضحت المرأة السورية عنواناً من عناوين الأزمة، وواجهة للتحدي والصبر والإرادة، فهي الأم والزوجة، التي تحمل مسؤولية كبرى في التعامل مع الأحداث سواء في داخل سوريا أو في مخيمات الشتات، واللجوء القسري على حدود الوطن، أو في بلاد الغربة البعيدة التي اضطرت مرغمة للجوء إليها تحت وطأة القصف والقنابل والحرب،إذ تمارس حالياً دوراً فاعلاً ما يزال في مرحلة التطور وهو جزء من حركة التغيير في المجتمع والانتقال من مرحلة الاستبداد التي دامت نحو نصف قرن إلى مرحلة الحرية والكرامة.