Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تدوير الملابس حيلة النساء لكسوة أطفالهن في العيد 

خاص - SY24

“جنون أسعار الألبسة في الأسواق كفيل بصرف النظر عنها وعن جمالها” حسب ما تقوله السيدة الأربعينية “أم سلام”، بعدما صدمت بغلاء الأسعار هذا العام، وتفاوتها بين عدد من المحلات التجارية، وسط فوضى المنافسة وعدم وجود رقابة لضبطها والحد من رفع سعرها قبيل موسم. 

تخبرنا السيدة وهي أم لخمسة أطفال، تقيم معهم في مشروع سكني بمنطقة كفر لوسين شمال إدلب، بعد نزوحها من مدينة معرة النعمان قبل سنوات، أن الأسعار غير منطقية ولا تتناسب مع دخل الأهالي في الشمال السوري، وفرحة العيد ستكون ناقصة عند شريحة كبيرة من العائلات ولاسيما الأطفال الصغار، الذين وقعوا ضحية الفقر والغلاء والظروف المعيشية لأسرهن، وحرموا من لبس الثياب الجديدة كباقي الأطفال. 

تملك “أم سلام” ماكينة قديمة، ولكنها ما زالت صالحة للاستعمال، كانت قد خصصتها لإصلاح ملابس أطفالها، تقول ربما حان الوقت لتقليد حيل أمهاتنا وجداتنا في فن تدوير الملابس، كي لا أحرم أطفالي الخمسة كسوة جديدة مختلفة عن ثيابهم البالية. 

أخرجت من ملابسها عدة قطع لم تعد ترتديها منذ مدة، بعدما أصبحت صغيرة المقاس، واشترت من البالة ملابس أخرى كبيرة القياس مختلفة الألوان تقول: إن “جودة أقمشة ملابس البالة تصلح لتكون ملابس رائعة”. 

عائلات كثر في الشمال السوري، يلجأن إلى إعادة تدوير الملابس، وصنع قطع صغيرة تناسب أطفالهن في ظل الغلاء الكبير الذي طال ملابس العيد هذا الموسم، وهي عادة قديمة تشتهر بها الأمهات السوريات في جميع المحافظات، وتعد حلاً مقبولاً وغير مكلف لكثير من الأسر الفقيرة وذات الدخل المحدود. 

 تمكنت “أم سلام” بخفة وبراعة من تحويل “كلابية” كبيرة الحجم إلى فستان مزركش بتصميم جميل يناسب ابنتها ذات الأربع سنوات، وكذلك استعمال ماتبقى من القماش مع قطعة أخرى لصنع بنطال وكنزة لابنتها الأكبر، وهكذا بقليل من الفن والصبر استطاعت السيدة المدبرة أن ترى ابتسامة أطفالها وهنن يرتدين الملابس بعد الانتهاء من خياطتها ووضع (الإكسسوارات) عليها التي زادتها جمالاً وأناقة. 

ليست “أم سلام” الوحيدة في حيها التي لجأت إلى ماكينة الخياطة بل تخبرنا الخياطة “عبيدة” وهي سيدة تمتهن الخياطة منذ عشرين عاماً لم ترزق بأطفال ولكنها تبدع في تفصيل ملابسهم، وخاصة البنات الصغار أنها منذ بداية رمضان لم تهدأ ماكينتها عن العمل، بين قص وتفصيل وتصغير وتضييق، وهذا كله يسمى إعادة تدوير. 

تعرف “عبيدة” بحبها المهنة الخياطة، حيث خصصت غرفة من منزلها لورشة الخياطة الصغيرة الخاصة بها، ووضعت آلات الخياطة وماكيناتها لاستقبال زبائنها، إذ تقصدها نسوة المنطقة للتفصيل عندها، وتصميم الملابس حسب طلب كل واحدة منهن. 

تقول في حديث خاص لمراسلتنا، إنه في موسم العيد تكثر طلبات الزبائن على إعادة تدوير الملابس أكثر من التفصيل، بسبب تدني مستوى دخل الأسر، وغلاء الألبسة الجاهزة، فتلجأ الأمهات إلى الاحتيال على أطفالهم بصنع كسوة العيد لهن من الملابس الكبيرة أو القديمة، حتى يشعرن بفرحة العيد كباقي الأطفال، وتؤكد لنا أن عدداً كبيراً من العوائل في محيطها يقومون بتجديد ثيابهم، أو إصلاحها بإضافة لمسات فنية أو قطع قماشية عليها، لتصبح بشكل مقبول ومناسب لهم. 

في تقرير سابق رصدت منصة SY24 أسعار الملابس ولاسيما للأطفال الصغار، ولاحظت ارتفاع غير منطقي في فساتين الفتيات وأطقم الصبيان وكذلك الأحذية، 

حيث بلغ سعر الفستان البناتي بين 25_ 45 دولار أي حوالي 800 ليرة تركية، هو ما يعادل أجرة نصف شهر لعمال مياومة، في حين وصل سعر الطقم الرسمي للصبيان 30 _40 دولار، وبنطال الجينز الولادي 6 دولار، والقميص 15 دولار، وكذلك أسعار الأحذية. 

أي أن كسوة ثلاثة أطفال تتجاوز 100 دولار بشكل وسطي، وهو خارج قدرة كثير من الأسر في المنطقة بينما لا تتجاوز تكلفة إعادة تدوير القطعة عند الخياطة أكثر من خمسين ليرة تركية، وهو ما شجع  النساء على ذلك. 

 

حيث لم يبقِ لهيب أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية  فرصة للتفكير في كسوة العيد لشريحة واسعة من الأهالي، بعدما ضربت البلاد موجة من الغلاء الفاحش شملت جميع المواد والسلع الأساسية، وبات التفكير في لقمة العيش أبرز أولويات العوائل، مع التخلي عن باقي التفاصيل الأخرى كالكسوة وشراء حلويات العيد أو أي لوازم أخرى غير الطعام والشراب، حسب من التقيناهم من الأهالي.