Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بسبب الزلزال.. إقبال كثيف للنساء على مراكز الدعم النفسي في الشمال

خاص - SY24

قبل شهر ونصف من اليوم، كانت أول زيارة للسيدة “رجاء” 38 عاماً، إلى عيادة الصحة النفسية في منطقة سرمدا شمال إدلب، بعد شعورها الدائم بالتعب والإرهاق والاكتئاب إثر وفاة زوجها في كارثة الزلزال قبل عدة أشهر، لتتلقى جلسات الدعم النفسي في إحدى العيادات الموجودة ضمن مشافي المنطقة.

“رجاء” سيدة مهجرة من ريف إدلب الجنوبي، تسكن بالقرب من مدينة إدلب، أم لثلاث فتيات، توفي زوجها في الزلزال وبقيت وحيدة تعاني من صعوبات كثيرة في الحياة بسبب وضعها الاجتماعي، ونظرة المجتمع إلى الأرملة حسب قولها، إذ أصبحت حياتها مقيدة بشكل كبير، وتضاعفت مسؤوليتها كونها المعيلة الوحيدة لعائلتها.

تقول السيدة في حديثها إلينا: إنها “منذ عدة أشهر بدأت تعاني من حزن دائم، وعصبية ترافقها رغبة في البكاء وعدم القدرة على ضبط انفعالاتها تجاه أطفالها وأفراد المجتمع المحيط بها، إضافة إلى رغبتها بالعزلة الاجتماعية، وخوفها من نظرة المجتمع، ما جعلها تهمل نفسها وتشعر بخلل في حياتها وعدم رغبتها بممارسة الأنشطة اليومية التي كانت تقوم بها مسبقاً، وإهمال مسؤولياتها تجاه بناتها”.

تخبرنا أنها سمعت بالعيادة النفسية من إحدى جارتها عن طريق المصادفة، وترددت كثيراً قبل أول زيارة لها خوفاً من كلام المحيط، والصورة النمطية لعيادات الصحة النفسية، لكن حالتها النفسية دفعتها للبحث عن الحلول، بعد أن أقنعها إحدى العاملات في مجال الدعم النفسي الاجتماعي ضمن العيادات النقالة التي تستهدف الأهالي في مناطق عدة، بضرورة زيارتها للعيادة.

استمرت السيدة بحضور جلسات فردية في غرفة الصحة النفسية، على مدار عدة أسابيع، تعرفت من خلالها على خدمات العيادة النفسية، وخدمات المركز الصحي، بعد التأكيد من قبل فريق الصحة النفسية على سرية المعلومات ثم بدأ بتقييم حالتها النفسية من جميع الجوانب.

تقول “رجاء” إنها بدأت تستعيد ثقتها بنفسها وتنخرط في المجتمع مرة أخرى، وتبحث عن نقاط القوة في شخصيتها، وتعتمد على نفسها لمواجهة مشاكلها”.

زادت أهمية العلاج النفسي وعيادات الصحة النفسية عقب الزلزال بسبب  الصدمة والاضطرابات النفسية التي تعرض لها عدد كبير من الأهالي، لفقدان ذويهم أو أبنائهم، إذ باشرت الفرق النفسية التابعة للمنظمات الطبية الإنسانية العاملة في الشمال السوري، جولاتها الميدانية على مراكز الإيواء، والمخيمات والمناطق السكنية أيضاً في جميع المناطق ، لتقديم الإسعاف النفسي الأولي للأهالي الناجين من الزلزال ولاسيما الأطفال.

وفي حديث خاص أكدت “نجاح محمود” مرشدة نفسية وقائد فريق صحة نفسية في مدينة إدلب، على إقبال الأهالي ولاسيما النساء إلى عيادات الصحة النفسية في الفترة الأخيرة، والتي استجابت للناجين وذوي المفقودين الذين كانوا يعانون من حالة نفسية صعبة ما تزال تستقبل جميع الحالات”.

كذلك توجد “وحدة الصحة النفسية والعقلية” في مدينة سرمدا، والتي تعد المركز الوحيد الذي يقدم خدمات الرعاية الطبية للمرضى مع خدمات الاستشفاء للحالات المعقدة، بوجود طبيب نفسي مختص، ومقدمي الرعاية، وطبيب رأب الفجوة وقد زاد عدد الحالات المرضية بشكل ملفت في الأشهر الماضية، حسب ما صرحت به وحدة الصحة النفسية.

إذ تقدم العيادات النفسية خدمات الدعم النفسي، وتقوم بإحالة الحالات الحرجة إلى مراكز متخصصة لتقديم العلاج المناسب، فضلاً عن تقديم أنشطة للأطفال وجلسات خاصة بهم للتخفيف من التوتر والقلق إضافة إلى جلسات تثقيف توعوي للتأقلم مع الظروف الحالية الصعبة.