Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

مراكز التجميل.. البحث عن الجمال بين ركام الحرب في إدلب

SY24 -خاص

تركت شظايا الانفجار والحريق الذي شب في منزل السيدة “بسيمة” 35 عاماً، منذ ثماني سنوات في الغوطة الشرقية، ندبات عميقة في يدها وجزء من خدها الأيسر،   لم تتمكن المراهم الترميمية والأدوية العلاجية من محو آثار الحريق من جسدها، وجعلها تحمل ذكرى القصف الذي استهدف منزلها آنذاك، طيلة حياتها على هيئة تشوهات جلدية عميقة، تشاركها مرآتها يومياً.

بسيمة واحدة من آلاف الأشخاص الذين تعرضوا لإصابات وحروق جراء الحرب، ماتزال آثارها مصاحبة لهم، تحتاج إلى علاج تجميلي وترميمي في مراكز طبية متخصصة بها، ومنها ما أصبح عصياً على العلاج بسبب عمق الندبات وقدمها، فكلما تأخر العلاج، أصبحت نسبة التعافي أقل حسب ما أكده الطبيب “أحمد صطوف”، مدير المركز الأكاديمي للتجميل والليزر وطب الأسنان في مدينة إدلب، وهو المركز الوحيد في الجراحة التجميلية الترميمية وقسم الحروق والتشوهات والندبات في المنطقة.

تخبرنا “بسيمة” أنها زارت عدداً من مراكز التجميل والليزر في إدلب بقصد العلاج، إلا أن حالتها تحتاج تكاليف كبيرة وجراحة تجميلية في مركز متخصص وهي غير قادرة على تغطية التكاليف، مع انعدام وجود جهات أو منظمات إنسانية تتكفل بالعلاج لمثل تلك الحالات.

انتشرت في الفترة الأخيرة في مدينة إدلب سرمدا الدانا وسلقين وغيرها، مراكز عديدة للتجميل والليزر، منها ماهو مختص بالعناية بالبشرة والجسم والتغذية والقوام المثالي، وقد تضاعف عددها في السنوات الأخيرة،  إذ يوفر مساحة للنساء للاعتناء بجمالهن، ومنها ما هو جراحي يعنى بالتشوهات الخلقية الناتجة عن الإصابات الحربية، ويحتاج عمليات جراحية ترميمية في مراكز مختصة بها، على يد كادر طبي متخصص.

بالوقت نفسه تقبل عدد من السيدات والشابات اليوم على المراكز التجميلية وتنتقي أفضل الخدمات المقدمة، من ناحية نوعية الأجهزة، وتكاليف الجلسات، ونتائجها، معتمدة على شهادات من نساء أخريات قمن بجلسات مشابهة.

تقول الشابة “ريم” 22 عاما إنها أجرت خمس جلسات ليزر لإزالة الشعر غير المرغوب به، لتحضير نفسها قبل زوجها، وتفكر في إجراء جلسات العناية بالبشرة للحصول على نتائج أفضل بعدما لاحظت فرقاً عند عدد من النساء اللواتي خضن تلك التجارب.

تخبرنا أن وجود تلك المراكز في إدلب أمنت للنساء مكاناً خاصا بهن يرضي فطرتهن في حب الجمال والتزين، وانتشار تلك المراكز في السنوات القليلة الماضية دليل على حاجة المنطقة إليها، وإقبال النساء والرجال عليها أيضاً.

و بالحديث مع عدد من المراكز تبين أن معظمها يشترك بالخدمات نفسها، حيث تقدم جلسات العناية بالبشرة والشعر بأجهزة حديثة، ومنها ما يختص بشد الترهلات في الجسم والبشرة واليدين، وتكسير الدهون، وقسم التغذية والعناية بالوزن والقوام المثالي، أما مايختص بالرجال فهناك مراكز لازالة الوشوم، وزراعة الشعر ولكنها قليلة مقارنة بمراكز تجميل السيدات .

تبرز تلك القلة في المراكز الطبية المختصة بالعمليات الجراحية التجميلية والكوادر الطبية أيضاً في الشمال السوري، مقارنة بعدد الإصابات والسكان، حيث تقول أرقام الصحة العالمية يجب أن يكون هناك طبيب متخصص بالجراحة التجميلية والترميم لكل مئة ألف من السكان، بينما على أرض الواقع تقول المعلومات أن عدد الأطباء الموجودين في هذا المجال لا يغطي 15 بالمئة من الاحتياجات الفعلية.

بالعودة إلى الطبيب يخبرنا أن التكلفة العالية حرمت مئات الحالات الطبية من العلاج مثل حالة السيدة “بسيمة” حيث يستخدم العلاج بالليزر  لإزالة التصبغات والندبات والانكماشات إثر حوادث الحروق أو الإصابات الحربية، وكلما زادت مساحة الإصابة ارتفعت التكلفة.

فيما تقدم مراكز التجميل في إدلب خدماتها بأسعار متفاوتة نوعاً ما حسب قول من تحدثنا إليهن لتجذب فئات مختلفة لإجراء الجلسات التي تعد نوعا من الرفاهية لدى شريحة واسعة من المجتمع، بينما يعدها قسم آخر حاجات ضرورية لإرضاء الشغف بالجمال والقوام المثالي، وتشهد تلك المراكز إقبالًا ملحوظاً رغم الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية في المنطقة.