Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

“المسامك الصناعية”.. تجربة ناجحة نقلها مهجروا سهل الغاب إلى الشمال السوري 

SY24 -خاص

بعد خسارة عمله في تربية الأسماك، بقلعة المضيق في حماه، تمكن المهجر “علاء رمضان”، 40 عاماً، من البدء بمشروعه الخاص في مدينة عفرين شمال سوريا، متحدياً جميع الصعوبات التي واجهته لنجاح مشروعه، ونقل مهنة تربية الأسماك إلى الشمال السوري.

حيث منيت الثروة السمكية في سهل الغاب وقلعة المضيق في مدينة حماه عام 2019 بخسائر كبيرة بعد سيطرة النظام على المنطقة وتهجير أهلها منها، وحرمانهم من أرزاقهم، ولاسيما المسطحات المائية الكبيرة الخاصة بتربية الأسماك، التي اشتهرت بها المنطقة، بعد أن جفت جميع الأحواض بسبب القصف والحصار، وفقدت مئات العوائل عملها ومصدر رزقها، إذ يعد سهل الغاب الأول في إنتاج الأسماك على مستوى سوريا، بنسبة 40 بالمئة من الإنتاج الكلي حسب إحصائية حكومية صدرت عام 2012.

انتقل علاء إلى “عفرين” بعد تجارب عمل كثيرة له في منطقة سهل الروج وحارم، إذ يشرف اليوم على واحدة من أكبر مزارع الأسماك في “عفرين”، والتي تختص بتفريخ الأسماك وتربيتها ثم بيعها إلى المسامك صغيرة التي انتشرت مؤخراً في ريفي إدلب وحلب، وتمكن مع عدد من مربي الأسماك المهجرين من سهل الغاب من افتتاح مشاريعهم في المنطقة لمزاولة عملهم ومصدر رزقهم الذي اشتهروا به، يقول “علاء”: لمراسلتنا إن “تربية الأسماك ليست مهنة فحسب، بل هي مرتبطة بحبهم لها، وهي مهنة ورثها عن أبيه وجده، وتعمق بها كثيراً، واستطاع بخبرته أن يحيط بكل أسرارها، ويصبح على معرفة بأدق تفاصيل تربية وتفريخ الأسماك”.

افتتح عدد من  مربي الأسماك المهجرين من حماه، مسامك كبيرة لتربية الأسماك في ريف إدلب، وتركزت في سهل الروج وحارم ودركوش، منها ما تركز في عفرين بريف حلب الشرقي، ولكنها تتسم جميعها بأنها أصغر من المسامك التي كانت في سهل الغاب.

إذ وواجه أصحابها صعوبات كثيرة إلى حين نجاح هذه المشاريع الفردية، يقول” علاء” إن” طبيعة الأرض في المنطقة الشمالية غير مناسبة لتشكيل المسطحات المائية، فمنها غير قادرة على احتواء المياه، كون تربتها تمتص المياه ولا تحتفظ بها عكس التربة التي كانت في سهل الغاب، الأمر الذي جعله يبحث عن التربة المناسبة وصنع المسطحات المائية فيها.

وكذلك يخبرنا أن برودة المياه لا تناسب للأسماك خاصة في فصل الشتاء، إذ يجب أن تكون حرارة المياه لا تقل عن 23 درجة مئوية، وهذا ما جعلهم يعتمدون على تسخين المياه وبالتالي رفع تكاليف الإنتاج.

بعد دراسة واستطلاع لكافة الظروف الموجودة في المنطقة، تمكن “علاء” وعدد من مربي الأسماك في الشمال، من تهيئة ظروف مناسبة لتربية الأسماك مثل تأمين حفر الأرض وملؤها بالمياه المناسبة، وتأمين الأعلاف الخاصة الأسماك، وهي مختلفة عن أعلاف الأغنام والدواجن الموجودة هنا، ما جعله يعتمد على إنتاج الأعلاف بنفسه وتأمينها لجميع المربين في المنطقة.

حيث تعد هذه المسامك الكبيرة، المسؤولة عن تفريخ وإنتاج الأسماك، ومن ثم توزيعها على مراكز بيع صغيرة في الشمال، وهذا ما شجع الشاب “رمضان السعيد”،25 عاماً أحد أبناء قلعة المضيق، من افتتاح مركز في منطقة “كفر لوسين” شمال إدلب، كونها تضم عدداً كبيراً من مهجري القلعة المعروفين بحبهم للأسماك.

يقول في حديثه إلينا: إن “بيع الأسماك مهنته منذ كان في القلعة قبل عدة سنوات، وهي ترتبط بأهل حماه بشكل وثيق، وخاصة أهالي سهل الغاب وهذا ما جعله يفتتح مشروعه الصغير في المنطقة وقد لاقت إقبالًا من قبل الأهالي”.

إلا أن هذا الإقبال حسب “السعيد” هو قليل جداً عما كان عليه قبل التهجير، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجه، يخبرنا أنه يحتاج إلى تسخين المياه قبل وضعها في الحوض، وتشغيل المضخات الكهربائية بشكل دائم، فضلاً عن تأمين الأعلاف والتي تعد مرتفعة الأسعار وهذا كله يؤثر على سعر مبيع السمك.

إذ يتراوح سعر كيلو السمك نوع الكرب من 135 _ 150 ليرة تركية اي قرابة 5 دولار، وسمك السلور 50 ليرة، وسمك المشط من 70 _150 أيضاً وتحتاج العائلة متوسط أفرادها خمسة أشخاص إلى 3 كيلو من السمك وهذا ما يجعل الإقبال عليها قليل نوعاً ما.