Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في إدلب.. مكانس القش تعود للاستخدام بسبب ظروف الحرب

SY24 -خاص

يجلس “أبو مروان” بين بسطات كبيرة من القش، وإلى جانبه كأساً من الشاي الأحمر، يخرج القش من الماء، ثم يبدأ بصناعة مكنسة القش، فهي مهنة أجداده التي تلقاها من والده قبل عشرين عاماً.

تصنع مكانس القش في إدلب من نبتة تسمى “المكنس” وهي نبتة تتواجد على ضفاف نهر العاصي، كما يزرع بعض الأهالي هذه النبتة في منطقة سهل الغاب، يتم قطافها في شهر آب تنظف من البذور ثم تباع إلى حرفي هذه المهنة.

“أبو مروان” 57 عاماً، أب لسبعة أولاد، يقيم في مدينة إدلب، يتقن صناعة المكانس منذ شبابه، حتى أصبحت مصدر رزقه، يذكر لنا ازدهار هذه الصناعة قبل الحرب فيقول: ” في وقت كان راتب الموظف ثلاثة آلاف ليرة سورية، كنت أنا أحصل عليها خلال أسبوع واحد، وذلك بسبب كثرة الطلب عليها من دول العربية وخاصة الأردن واللبنان، إضافة إلى توفير المواد الأولية لها”.

تراجعت هذه المهنة بشكل كبير خلال سنوات الحرب في سوريا وذلك لعدة أسباب، يذكر لنا “أبو مروان” أبرزها فيقول: ” قلة المواد الأساسية، وإغلاق المعابر أمام تصديرها، وهجرة العاملين بها أو تركهم المهنة، جميع هذه الأسباب أدت إلى تراجعها”.

تحتاج صناعة المكانس إلى أدوات بسيطة، عيدان القش، ومسلة(إبرة كبيرة)، ومطرقة خشبية، وخيوط متينة.

تمر صناعة مكانس القش في عدة مراحل، تبدأ بتنظيف النبتة من البذور والحشائش العالقة بها، ثم تنقع في الماء لمدة تتراوح بين الثماني والعشر ساعات ليسهل التحكم بها، يكمل لنا “أبو مروان” تلك المراحل، فيقول:” بحزم متساوية العدد أقوم بصنع شكل المكنسة المألوف، ثم أقوم بخياطتها بخيوط بلاستيكية متينة لشد القش على بعضه البعض، وأقص نهاية القش لتصبح نهايتها متساوية الطول”.

يعاني حرفي هذه المهنة من ألم في المفاصل وذلك بسبب جلساتهم الطويلة خلال عملهم، يقول: “أبو مروان” بأنه يجلس كل يوم ثماني ساعات متواصلة وهذا ما سبب لديه ألم مستمر في المفاصل وديسك في فقرات ظهره.

أقبلت بعض نساء الشمال السوري إلى شراء مكانس القش وذلك بعد انقطاع الكهرباء عن المنطقة وعدم قدرتها على استخدام المكانس الألية، ” نسرين” 37 عاماً، أم لأربعة أولاد، نازحة من قريتها “بليون” جنوبي إدلب إلى مخيم كفرلوسين.

لجأت إلى استخدام هذه المكنسة لتنظيف خيمتها، ” ظروف الحرب عادت بنا إلى الشقاء والتعب” حسب تعبيرها.

أعادت الحرب في سوريا إحياء مهنة صناعة مكانس القش، إذ ساهم النزوح إلى مخيمات وانقطاع الكهرباء في العودة إلى استخدام أدوات التنظيف البدائية، بينما يتمسك الحرفيون بها رغم كل العقبات التي يتعرضون لها، فهي تراث أجدادهم منذ سنوات طويلة.