Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

تركيا تغلق الموانئ أمام نفط إيران.. والأخيرة تحاول إحراجها في إدلب

أحمد زكريا - SY24

لا يبدو أن إيران في موقف تحسد عليه في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل العقوبات الأمريكية المتصاعدة ضدها، يضاف إلى ذلك التحذيرات الأمريكية لعدد من الدول من مغبة التعامل مع إيران اقتصاديًا.

وفي خطوة تندرج في سياق الامتثال للعقوبات الأمريكية على موردها الرئيسي، أغلقت تركيا موانئها البحرية أمام نفط إيران، وذلك رغم انتقاد “أنقرة” العلني لقرار الولايات المتحدة بإنهاء إعفاءات الاستيراد وتحذيرها من صعوبات في إيجاد بدائل.

وفي وقت لم يصدر أي تصريح رسمي من الطرف الإيراني على الخطوة التي اتخذتها تركيا، إلا أن مراقبين يرون أن ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على صعيد العلاقات بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بالملفات الاستراتيجية الهامة ومنها ملف منطقة إدلب السورية.

وتأتي تلك الخطوة التركية، بالتزامن مع حملة عسكرية ممنهجة تقودها قوات النظام مدعومة بطيران جوي روسي، وبميليشيات طائفية على الأرض، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك وسط الأنباء التي تتحدث عن أن إيران هي من تقف وراء دفع النظام للتصعيد في منطقة إدلب المشمولة باتفاق سوتشي، ما يدل على أن إيران تسعى وبوضوح لإجهاض اتفاق “سوتشي” وأي اتفاقات أخرى.

وفي هذا الصدد قال الكاتب والمحلل السياسي “طه عودة أوغلو”: إنه ومن دون شك القرار التركي سيكون له انعكاسات على العلاقات التركية الإيرانية، حيث كما هو معلوم فإن   قضيتي إدلب والعقوبات الأمريكية مترابطة إلى حد ما، خاصة أن أنقرة وطهران في نفس حلف أستانة وتحاول المحافظة على التواصل مع طهران في الملف على الرغم من اختلاف مقارباتهما للملف السوري.

وأضاف في حديثه لسوريا 24، أنه بات واضحا أن المسار التركي مع طهران مختلف تماما عن الظروف التي دفعت تركيا في وقت سابق للعمل معها، خاصة أن واشنطن تقود حاليا بنفسها جهود إعادة إحياء مسار جنيف كما أعلنت رسميا فشل مفاوضات أستانا.

من جهة ثانية يرى “عودة أوغلو” أن أنقرة تدرك جدية التهديدات الأمريكية لإيران، لذا فهي قرأت جيدا التحركات التي تقودها واشنطن ضد الوجود الإيراني في المنطقة، وتأكدت من جديتها من خلال إرسال الولايات المتحدة الأمريكية أسطولها إلى منطقة الخليج العربي والبحر المتوسط.

كما تدرك أنقرة أيضا أن تغير التعاطي الأمريكي مع تركيا من أبرز دوافعه تحييد أنقرة عن التعاون مع طهران لضمان محاصرة الأخيرة بشكل كامل، يقول “عودة أوغلو”.

وفي أيار 2017، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة ” تركيا وروسيا وإيران” توصلها إلى اتفاق على إنشاء منطقة خفض تصعيد في إدلب، وفي إطار الاتفاق، تم إدراج إدلب ومحيطها، ضمن “منطقة خفض التصعيد”، إلى جانب أجزاء محددة من محافظات حلب وحماة واللاذقية، إلا أن النظام وداعميه لم يلتزموا بالاتفاق واستمروا بالقصف والغارات الجوية في خرق واضح لهذا الاتفاق.

الكاتب والمحلل السياسي “أحمد مظهر سعدو”، يرى أنه ليس من المعقول أن تقف تركيا مدافعة عن إيران في وجه الأمريكان، ومن أجل إعاقة العقوبات المفروضة أميركيًا على دولة الملالي، بينما تتابع إيران عملها الدؤوب مع النظام السوري والمليشيات الطائفية وروسيا قصف البلدات السورية في ريف حماة وادلب، وهذا الانتهاك اليومي لكل محددات اتفاق “سوتشي” بخصوص إدلب.

وتابع في حديثه لسوريا 24: تعمل تركيا اليوم وبكل وضوح على عدم الالتزام بأية علاقات (دعموية) مع الإيرانيين، وكذلك تدفع باتجاه الدعم النوعي للفصائل السورية الثورية المقاتلة، من أجل صد الهجوم الأسدي الروسي الإيراني، بل وتلقينه درسًا لا ينساه أبدًا، لأن كل المفاوضات والاتصالات التي جرت بين الأتراك والروس والإيرانيين لم تؤت أكلها، ومازالت عمليات حرق الأرض والناس، قائمة ومتواصلة، مما يزعزع كيان اتفاق (سوتشي) بل ينهيه كلية، إذا ما استمرت روسيا ومن معها بهذه العدوانية القميئة.

وأضاف، أن الروس حتى الآن يُصرون على أنهم مازالوا المتمسكين بهذا الاتفاق (السوتشوي) ـوإن كان على الورق فقط، إذ ليس من مصلحتهم ولا من مصلحة إيران انهاء الاتفاق، أو الانقضاض عليه، مبينًا أنه إذا كانت تركيا اليوم تمارس ضغطًا اقتصاديًا على إيران، وكذلك روسيا، فإن مرده الأساس هو عدم التزام هاتين الدولتين (المفترض أنهما ضامنتين)، إيران وروسيا، بمضامين توافقات أستانا وسوتشي.

وأعرب “مظهر سعدو” عن عدم تفاؤله بمجريات الأحداث خاصة في منطقة إدلب وقال: لا يبدو أنه في المنظور القريب هناك أية إمكانية لوقف إطلاق النار، بل إن الروس يوسعون دائرة الاشتباك، ويردون بحقد دفين يواكبهم في ذلك وبكل وضوح النظام السوري وإيران، وهما ليستا أقل حقدًا من الروس، بل أشد وأدهى.

ويرى مراقبون أن تلك الضغوطات الممارسة على إيران من أمريكا وغيرها من الدول تجعل إيران في حالة تخبط، لكنها في ذات الوقت ستلجأ لخلط الأوراق في المنطقة والتصعيد لزعزعة الاستقرار ونسف أي اتفاقات عقدتها على صعيد عسكري وسياسي، في إشارة لما يجري في منطقة خفض التصعيد في إدلب.

العقيد “أحمد حمادة” المحلل العسكري والاستراتيجي قال لسوريا 24: إن العقوبات الأمريكية أضرت بإيران التي فقدت الكثير من مقومات قوتها الاقتصادية والدبلوماسية، فلم يتبق لديها إلا النفوذ العسكري في المنطقة، فتارة تشن هجمات على خطوط نقل النفط في السعودية وتقصف بالصواريخ والدرون عبر ميليشيات الحوثي، وفي سوريا تحاول إنهاء سوتشي عبر شن الهجمات العسكرية لإحراج تركيا وللعب بالأوراق التي تمتلكها.

وتابع: لأن أي نجاح للعملية السلمية يعني الالتفات للوجود الإيراني والمطالبة بخروجه، وكذلك تأتي هذه المعارك والقصف المتزايد مترافقا مع الحشود الأمريكية وتصفير التصدير النفطي لإيران وإيقاف استيراد تركيا للنفط الإيراني.

وأشار “حمادة”، إلى أن تركيا تحاول من خلال الاتصالات مع موسكو المحافظة على الاتفاق وعودة التهدئة، وتصريح “خلوصي أكار” وزير الدفاع التركي بخصوص بقاء النقاط التركية وعدم انسحابها يعني بأن تركيا متمسكة باتفاق سوتشي، رغم محاولات عصابات الأسد توسيع نطاق سيطرتها واستمرارها بارتكاب المجازر بحق المدنيين، وتدمير النقاط الطبية والخدمات الإنسانية.