Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في الذكرى الثانية لهزيمة داعش.. مراقبون يؤكدون: الأزمات تعصف بمناطق قسد

خاص - SY24

أعلن الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” القضاء نهائياً على تنظيم داعش في سوريا، وذلك في 23 آذار من عام 2019، بعد السيطرة على قرية “الباغوز” آخر معاقل التنظيم في شرق سوريا.

وجاء هذا الإعلان بعد تشكيل تحالف دولي ضم عدداً من الدول الغربية والعربية، بالإضافة إلى فصائل عسكرية محلية كان أبزرها “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من أمريكا، وكذلك فصائل أخرى مثل قوات الصناديد وجيش مغاوير الثورة.

حيث أعلنت “قسد” عن إقامة نظام حكم فيدرالي ضمن مناطق سيطرتها في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، وقامت بتشكيل مجالس محلية مدنية تتبع لما يسمى بـ “الادارة الذاتية لمناطق شمال شرق سوريا”.

وفي احتفالية نظمتها قوات “قسد” بمناسبة مرور عامين على القضاء على تنظيم داعش في سوريا، أشار غسان اليوسف “رئيس مجلس دير الزور المدني” التابع للإدارة الذاتية إلى وجود “قوى إقليمية ومحلية تسعى إلى نشر الفوضى في مناطق شرق الفرات”، على حد تعبيره.

في حين دعى “اليوسف” إلى “تضافر الجهود الدولية من أجل القضاء على تنظيم داعش في المنطقة وحل ملف معتقلي التنظيم المتواجدين في مخيم الهول”، وذلك خلال الكلمة التي ألقاها أثناء الاحتفالية التي أقيمت في حقل العمر النفطي الذي تسيطر عليها القوات الأمريكية.

ولكن على الرغم من إعلان “قسد” القضاء على تنظيم داعش قبل سنتين، إلا أن المنطقة مازالت تشهد فلتاناً امنياً كبيراً، متمثلاً بعمليات الاغتيال التي تطال عناصر من “قسد”، بالإضافة إلى استهداف المدنيين المعارضين لفكر التنظيم وأيضا استهداف عناصر سابقين في الجيش الحر.

وتشير أصابع الإتهام إلى وقوف الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش وراء هذه العمليات بشكل رئيسي، والتي أدت إلى زعزعة الإستقرار الأمني الذي كان يحلم به أهالي شرق الفرات بعد زوال التنظيم.

في حين اتهم أبناء المنطقة قوات “قسد” بتأليب الرأي العام للأهالي ضدها بسبب الممارسات التعسفية التي يقوم بها عناصرها أثناء العمليات الأمنية المتكررة ضد وجود داعش في المنطقة، والتي فشلت بإيقاف مسلسل الاغتيالات المستمر منذ أكثر من عامين.

وتوقع المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد “أحمد حمادة” نهوض تنظيم داعش مجدداً في المدن والبلدات التي تتواجد فيها الخلايا النائمة التابعة له في “حال سنحت لها الفرصة بذلك”.

وقال العقيد في حديث خاص مع منصة SY24: “لا أتوقع أن التنظيم قد انتهى نهائياً في المنطقة، فربما انتهت سلطة الخلافة وصلاحيات خليفته ولكن هناك خلايا نائمة مازالت تتبع له في المنطقة”.

وفي الأشهر الماضية شهدت المنطقة ارتفاع وتيرة العمليات العسكرية التي يشنها تنظيم داعش ضد قوات “قسد” وحواجزها المنتشرة في المنطقة، والتي تطورت بشكل خطير في الأيام الماضية لتصل إلى الهجوم المباشر على مواقع “قسد” العسكرية والاشتباك مع عناصرها.

في حين يرى أهالي المنطقة أن الإدارة الذاتية وعلى الرغم من الدعم الكبير المقدم لها من التحالف الدولي، فشلت في تحقيق أي إنجاز يذكر من خلال إدارتها للمؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لها في منطقة الجزيرة والفرات.

وعزا الأهالي سبب فشل الإدارة الذاتية في المنطقة إلى قيامها بتوظيف أشخاص “غير كفوئين”، وتعيينهم في مناصب قيادية ضمن مؤسساتها المدنية والعسكرية واعتمادها على مبدأ “الولاء لها أولاً”، بحسب تعبيرهم.

وأشار “مضر حماد الأسعد” المتحدث باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، إلى أن “قسد مرفوضة رفض قاطع من قبل أهالي شمال شرق سوريا بمختلف قومياتهم العربية والكردية والتركمان والآشوريين وغيرها من القوميات”.

وقال “الأسعد” في حديثه مع منصة SY24، إنه “هناك عنصرية في تعامل قسد مع أبناء المنطقة، كون أن أغلب قياداتها العسكرية والمدنية ينحدرون من جبال قنديل ويحملون جنسيات تركية وعراقية وإيرانية”.

وأضاف أنه “يوجد فجوة كبيرة بين أبناء المنطقة وقسد بسبب قيام الأخيرة بإرسال مفخخات ضربت مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية في مناطق درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون”.

وتابع “الأسعد” أن “مشروع قسد هو مشروع عنصري الهدف منه ضرب الثورة السورية ومساعدة نظام الأسد ونشر الفوضى والمخدرات في منطقة الجزيرة والفرات”.

بينما أشار الأستاذ “نوار شعبان” الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في مركز عمران للدراسات، إلى أن المنطقة “تدار فعلياً من الإدارة الذاتية بعد هزيمة تنظيم داعش”.

وذكر أن “المنطقة شهدت بعض عمليات إعادة الإعمار لبعض المؤسسات الخدمية والصحية، بالإضافة إلى عودة بعض النازحين الذين خرجوا إبان فترة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة”.

وقال “شعبان” في حديث خاص مع منصة SY24، إن “المنطقة لا تدار بشكل مثالي بسبب الطريقة الخاطئة التي التي تتعامل بها قسد مع البنية الإجتماعية المحلية، الأمر الذي أدى إلى توليد فجوات بين قسد والمكون الاجتماعي المحلي، والذي أثر على الواقع الإداري والأمني في المنطقة”.

وأضاف أن “قسد استطاعت البدء بمرحلة التنظيم الإداري لمؤسساتها ولكن جودة العمل الإداري لها تراجع بشكل سلبي بسبب الخطوات والقرارات السيئة التي أصدرتها قياداتها تجاه المجتمع المحلي”.

ونوه “شعبان” إلى أن المكون العربي في “قسد” لا يملك السلطة الكافية لكي يتدخل إدارياً وأمنياً وعسكرياً، مشيراً إلى أن تواجد المكون العربي في الإدارة الذاتية هو “أمر شكلي”، على حد تعبيره.

وتعاني مناطق سيطرة “قسد” في شمال شرق سوريا من أزمة اقتصادية كبيرة بسبب عدة عوامل أهمها ارتفاع كبير في معدلات البطالة بين الشباب، وقلة فرص العمل وأيضا ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات.

حيث خرجت تظاهرات شعبية حادة في عدد من قرى وبلدات ريف دير الزور الشرقي خلال الأشهر الماضية، مطالبة “قسد” بتحسين الوضع المعيشي لهم وتأمين فرص عمل أفضل وتوفير المحروقات بأسعار مخفضة.

بينما عصفت الإضرابات معظم القطاعات الخدمية والصحية في كل من مناطق سيطرة “قسد” في الحسكة وريف دير الزور، وذلك رداً على الإهمال الكبير الذي تشهده هذه المناطق من قبل الإدارة الذاتية .

ويرى الباحث في معهد الشرق الأوسط للدراسات بواشنطن الدكتور “كرم الشعار”، أن الوضع المعيشي في مناطق سيطرة “قسد” هو “الأفضل في سوريا حالياً”، على الرغم من وجود أخطاء كبيرة في إدارة المؤسسات التابعة لها.

وقال لمنصة SY24، إن “المشكلة الأساسية في مناطق شمال شرق سوريا هو تدخل الكوادر التي تحمل أيديولوجيا قومية في عمل مؤسسات الإدارة الذاتية التي اعتمدت على أسلوب المجالس المحلية الفرعية منذ بداية سيطرتها على المنطقة”.

وأضاف “الشعار”، أن “هناك صعوبة في تقييم الأداء الإقتصادي والإداري للمنطقة، بسبب عدم شفافية الإدارة الذاتية في الأرقام المصرح عنها، كون أن الأرقام المصرح عنها بخصوص مداخيل النفط هي أرقام غير منطقية، والرقم الحقيقي قد يكون أكبر من هذا بكثير”.

يشار إلى أن “قوات سوريا الديمقراطية” شكلت في 10 تشرين الأول عام 2015، بدعم كامل من الحكومة الأمريكية، وذلك بهدف محاربة تنظيم “داعش” في سوريا.

وتتألف قوات “قسد” من وحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، بالإضافة إلى عدد من الفصائل العربية مثل مجلس دير الزور العسكري ومجلس الرقة العسكري، ويشكل المقاتلين العرب ما نسبته 40 بالمئة من هذه القوات، والتي يقدر تعدادها بحوالي 45 ألف مقاتل.