Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

علم إسرائيل على قناة سوريّة لأول مرة

استضافت قناة أورينت السورية في برنامج “لقاء خاص” المندوب الإسرائيلي الدائم لدى الأمم المتحدة، وبقدر ما أن محتوى اللقاء نفسه إشكالي ولا بد من مناقشته، إلا أن المعلومة بحد ذاتها لا بد من التوقف عندها وتحليلها.

تعد هذه الاستضافة أول مرة يظهر فيها مسؤول إسرائيلي على الإعلام السوري منذ تشكل الكيان الصهيوني عام 1948 على الأراضي الفلسطينية. وحتى اللحظة لا تعترف سوريا رسميًا بدولة إسرائيل.

تركز المذيعة في حوارها مع الضيف على دور إيران في سوريا وعلى كيفية مواجهته. وتلح في سؤال ضيفها عما ستفعله إسرائيل في حال توسعت سيطرة إيران أكثر، وكأنها تريد استجراره إلى التدخل في الحرب السورية لتزيد الطين بلة، ولكن الضيف يتملص من الإجابة، ويذكر فقط أنه عندما دخلت “أراضيه” طائرة دون طيار فإن إسرائيل استجابت بقصف مواقع للنظام السوري داخل سوريا.

يصر الضيف في اللقاء على التأكيد بأن دولته هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ويستغل كل فرصة لإخبار المذيعة أنهم كديمقراطيين لا يمكن أن يشاهدوا رئيسًا يقتل شعبه ويعجبهم ذلك. كما يذكر أن دولته تلك لا تمارس الرقابة وأنها تحاكم حتى رئيس وزرائها.

يفتتح اللقاء بتقرير يقرأه صوت غير واضح النطق، يقول فيه: “ما بين إسرائيل التي تعتبر في أدبيات الصراع العربي-الإسرائيلي عدوًا وبين إسرائيل المجاورة لسوريا، المشتعلة بالحرب منذ سبع سنوات صورة ملتبسة، بعضهم يراها العدو الذي يتفرج على دمار بلد مجاور له، والبعض الآخر يرى فيها مشاركًا خفيًا في دعم نظام لن تجد أفضل منه”.

وهنا لا بد من التوضيح أن الصورة ليست ملتبسة على الإطلاق، وإن التبست على أورينت، فهي لم تلتبس حتى على الأمم المتحدة التي أصدرت القرار 242 عام 1976 الذي نص على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بعد العام 1967، مما يجعلها قوة احتلال لأراضي الجولان السورية، وعدوًا لسوريا.

يذكر الجولان في اللقاء مرتين، وفي المرتين لم تكن المذيعة التي سألت عنه، بل الضيف هو من تبرع وذكره لنا، في المرة الأولى عندما قال بأن دولته لن تسمح بتشكيل قوة كحزب الله في الجولان، وفي المرة الثانية عندما قال إنه سافر إلى الجولان وشاهد القذائف بعينه قرب حدوده، فتبتسم المذيعة وتهز رأسها قائلة: تمامًا، أنتم الدولة الوحيدة من الدول المرتبطة بالصراع التي لديها حدود مع سوريا. متجاهلة أنه في قصته كان يقف في سوريا نفسها!

يذكرنا المندوب المسالم عرضًا أنه كان ضابطًا في الجيش الإسرائيلي، ومن ثم يقول للمذيعة المبتسمة: “نحن بحاجة لأن نكون مع بعضنا لنقاتل هذه القوى الشريرة”، وأنا عن نفسي لا يمكن أن أكون مع الثورة السورية وأعتبر نفسي جزءًا منها وأن أكون منفصلة عن نضالات كل الشعوب من أجل التحرر، ولا أن أشيح بوجهي عن ظلم أحاق بآخرين فما بالي بأحب الناس إلى قلبي وأصحاب القضية الأعدل الفلسطينيين؟ ولا يمكن إلا أن أعتبر الضيف نفسه من ضمن تلك القوى الشريرة التي تحدث عنها.

كان من الممكن للمذيعة وللقناة وقد ارتكبت هذه السابقة – بل هذه الفعلة- أن تقوم على الأقل بإعداد هذا اللقاء بحيث تسأل فيه عن زيارة نتنياهو للولايات المتحدة بعد يوم واحد من إعلان أوباما أن الأسد فقد الشرعية، وكيف هدأ الانفعال الدولي حالما انتهت هذه الزيارة، وكان يمكنها أيضًا أن تسأل عن طلب إسرائيل استبدال فصيل الجيش الحر الذي سيطر على معبر القنيطرة بجماعة من النصرة، كما كانت الفرصة سانحة للسؤال عن المحادثات السرية التي كانت تجري لسنوات بين نظام الأسد وبين إسرائيل، وعن سياسات الاستيطان في أراض محتلة بموجب القانون الدولي، وعن نقل السفارة الأمريكية إلى أراض محتلة أيضًا.

ولكن ما جرى حقًا، هو أن هذا المندوب أعطي فرصة ليضع خلفه علم دولته المعتدية، وليلقي على رؤوسنا بسطل من البروباغاندا الإسرائيلية السخيفة التي لا يمكن أن تقنع أحدًا، ويخلص في النهاية إلى أنه يتمنى لنا قائدًا يروج للسلام في المنطقة كالسادات أو الملك حسين!

لقد عانينا كسوريين منتمين للثورة منذ بدايتها من تنطع كثيرين لتمثلينا والحديث باسمنا، ولكن أن تقول مذيعة إن هذه الاستضافة تاريخية لأنها أول استضافة لمسؤول إسرائيلي على قناة سورية فهذا عدا عن كونه عارًا على القناة التي لم تتورع عن التحريض الطائفي لسنوات، فهو وقاحة أخرى تضاف إلى الإهانات التي واجهناها.