Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

أرقام مرعبة.. طفولة ضائعة وأمراض متفاقمة في مخيم الهول

خاص - SY24

تحول مخيم الهول في شمال شرق سوريا، إلى مقبرة تحصد أرواح الأطفال منذ عام 2018، أرقام مرعبة كشفتها المنظمة الدولية لإنقاذ الطفولة “Save the children” في تقريرها الأخير، حيث رصدت المنظمة وفاة أكثر من 60 طفل خلال العام الجاري أي بمعدل ما لا يقل عن طفلين في الأسبوع.

تتحدث المنظمات الإنسانية عن أوضاع مأساوية في المخيم، الذي يشكل النساء والأطفال نسبة تجاوزت 70 % من القاطنين فيه، ودقت الإدارة الذاتية ناقوس الخطر مراراً، مطالبةً المجتمع الدولي والمعنيين لتقديم المساعدات لكنها لم تلقى آذاناً صاغية.

وحول هذا الجانب، قالت الطبيبة “نورا” العاملة في المشفى الميداني داخل المخيم، وفي حديث خاص لها مع منصة SY24، إن “الأمهات تعجز عن إرضاع صغارهن بسبب عدم تلقي الغذاء الكافي، ويعاني غالبية الأطفال من حالات إسهال حادة غالباً ما تتسبب لهن بالجفاف والذي يؤدي إلى الإصابة باليرقان، وقصور القلب، ويتطور في بعض الحالات ليصل إلى نزيف داخلي، أو نقص السكر في الدم، الأمر الذي يعكس الواقع الصعب وحجم المأساة التي يعيشها سكان المخيم، ومعاناتهم في الحصول على الغذاء والخدمات الصحية”.

وتابعت قائلة: إن “الأوضاع الإنسانية مازالت تتفاقم في المخيم بسبب كوفيد 19، وما نتج عنه من قيود في الحركة وإجراءات العزل، خاصة بعد تسجيل عدة إصابات بين صفوف العاملين في المخيم”، مؤكدة أنه “تم إغلاق غالبية المراكز الصحية المتواجدة بداخله، بما فيها المتخصصة بخدمة الرعاية الطارئة”.

وأشارت الطبيبة إلى أنه “يوجد بداخل المخيم 21 منشأة صحية، و3 % من الأطفال فيه يعانون من أمراض مزمنة، بينما يواجه أكثر من 50 % من سكان المخيم عوائق في الوصول إلى الرعاية الطبية، وكل 24 شخصًا يتشاركون مرحاضاً”.

تشير الإحصائيات إلى إنه لا يزال يقبع في المخيم نحو 40,000 طفل، ينحدرون من أكثر من 60 بلداً، وهم يفتقرون للخدمات الأساسية ويضطرون لتحمّل حر الصيف، وبرد الشتاء، والصدمات الناجمة عن العنف والتشرّد، وبذلك يتحد سكان المخيم في التعبير عن غضبهم في الظروف القاسية التي يعيشون فيها”.

وفي هذا السياق تقول “أم محمد”، نازحة من بلدة “الكشمة” في ريف ديرالزور الشرقي، وهي إحدى القاطنات في المخيم، “نعاني منذ 3 سنوات من الأمراض ونقص الرعاية، ناهيك عن برد الشتاء الذي بدأ يأكل عظام أولادنا، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، والتي تتسبب في حالات الإسهال الشديد والجفاف”.

وزادت قائلة: “نحن الكبار بالكاد نحتمل تقلبات الطقس، والكثير منّا هنا يعاني من التهاب الأمعاء في الصيف، فكيف للأطفال أن يتحملوا ذلك، كما أنّ الحصول على الدواء والطبابة صعب في الوقت الحالي، منذ بداية الكورونا تم إغلاق 3 مشافي في المخيم، فأنا أحمي أولادي كما جرت العادة لدينا نطعمهم البطاطا المسلوقة مع اللبن واجعلهم يشربون كميات وفيرة من الماء رغم أن الخزانات بؤرة للديدان إلا إننا نحاول تعقيم الماء بقليل من الملح والخل، هذا جل مانفعله في حال شعرنا بأن أطفالنا يشتكون من آلام في البطن”.

وفي ظروف مشابهة لسابقتها تقول “أم صالح”: “فقدت طفلتي البالغة من عمر 8 أشهر مع بداية العام، قلة الرعاية والاهتمام بي تسببت بانتقال العدوى لطفلتي أثناء الرضاعة، كنت أعطيها الدواء دون أي فائدة حتى أن الأطباء لم يخبروني بسبب الوفاة”.

أما دعاء فتقول: “أصبحنا نوجد البدائل للاستعاضة عن شح المواد الضرورية، فأنا أطعم أولادي الماء والسكر عوضاً عن الحليب في غالبية الأيام التي ينقطع فيها الحليب المجفف ولا يتم تأمينه لنا ضمن السلة الغذائية”.

معظم الأطفال الذين يعيشون في المخيم دون سن الـ 12 عاماً، والكثير منهم دون سن الخامسة، فهم يتعرضون لجميع أنواع التعذيب والانتهاكات ويواجهون خطر الموت في ظل غياب أدنى مقومات الحياة، علي البالغ من العمر 13 عاماً، يقول إنه “لا أفضل قدوم الشتاء، كما إنني أفضل البقاء مع أخي خارج الخيمة، كثيراً مانصحو ونحن غارقين في الطين بسبب الأمطار، وتوفي الكثير منا بسبب الحرائق المتكررة عند وقوع المدافئ، فأنا لا أرغب في الموت الآن”.

تشير التقارير إلى وفاة 13 طفلاً في مخيم الهول بين يناير وسبتمبر 2021 نتيجة إصابات ناجمة عن الحرائق، إضافة لسوء التغذية والجفاف والإسهال التي كانت سببا رئيسيا في حالات الوفاة، بما في ذلك انهيار الفتاة الأسترالية البالغة من العمر 11 عامًا في يونيو 2021.

وتعقيباً على ذلك تقول الناشطة “مجدولين”: “لقد طال انتظار إيجاد حل أطول أجلاً لهذا الوضع، هؤلاء الأطفال يمرون بأحداث صادمة لا ينبغي أن يمر بها أي طفل، فالجوع والعطش وسوء الصرف الصحي والمأوى غير الملائم تتسبب بالتعذيب بشكل تراكمي يُنتج لديهم ضائقة نفسية مستقبلاً، فانتهاكات الحقوق التي يتعرض لها الأطفال والنساء في الهول و الروج لم تعد مجردة، فهي آفة على الضمير الإنساني”.