Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في الحسكة.. الحرب تفرّق الآباء عن أبنائهم!

خاص - SY24

وكأن القيامة قد قامت، وكأننا في العام 2014، عندما دخل عناصر تنظيم “داعش” إلينا في ذلك التاريخ، لا أعرف ماذا أقول لكن أول ما فكرت به ملابس الأطفال.

بهذه الكلمات عبّر الستيني “عبد القادر عثمان” من سكان حي “غويران” في مدينة الحسكة شرقي سوريا، عن هلعه في “ليلة الجحيم” كما أسماها، والتي عايشها بسرعة وخوف جعلته ينسى طفله الصغير “مناف” في المنزل، لكنّ القدر جمعه به في اللحظات الأخيرة.

“عبد القادر عثمان” والآلاف من سكان أحياء: غويران، النشوة الشرقية والزهور (حي البعر)، هربوا في الليلة التي اختفى فيها القمر من الحسكة، في ليلة كانوا والبرد في سباق طويل للنجاة من الموت الذي لم يعرفوا في أي فوهة بندقية سيكون.

نحو 1050 عائلة، بحسب ما تداوله ناشطون، هربت في اليوم الأول فقط، من شدة المعارك التي دارت في حيهم إثر هجوم عناصر لتنظيم “داعش” على الحي، بعد تنفيذهم لهجوم مباغت على قوات “قسد” في سجن الصناعة، السجن الأشهر لعناصر التنظيم والذي يحوي أكثر من 5000 سجين.

هجوم لـ “داعش” بدأ في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الخميس الفائت، لتكسر أصوات البنادق كل هدوء في المكان، الأمر الذي ألزم المدنيين في الحسكة البقاء في منازلهم التي لم تكفيهم ولم تؤمنهم من هول الحادثة، ناهيك عن إجبار عناصر “داعش” للمدنيين البقاء في بيوتهم لاتخاذهم دروعاً بشرية تقيهم من قصف طائرات التحالف التي نفّذت عدة غارات على أماكن تواجد عناصر التنظيم، ولاسيما في كلية الاقتصاد ومعهد المدرسين.

درجات الحرارة تحت الصفر جعلت من حركة المدنيين أكثر صعوبة وقسوة، إذ أُجبر السكان في حيي “غويران والزهور” ولاحقاً حي “النشوة الشرقية” من المسير في الساعة الواحدة ونصف ليلاً من المعبر الوحيد (جسر البيروتي) لتستمر حركة النزوح نحو المناطق الأكثر أمناً.

تل حجر، المشيرفة، الناصرة، الصالحية، العزيزية، إضافة للمدارس الخاوية تماماً من أي أثاث يمكن أن يقي برداً، كما أن منطقة صفية المتطرفة عن المدينة، كانت وجهة المدنيين الفارين من هول المعارك التي جعلت من بيوتهم مسرحاً وساحةً لها، بعد أن قام أهالي الأحياء المذكورة بفتح أبوابهم وبيوتهم للناس الهاربين إليهم.

مسجد المصطفى، مركز همة والمدرسة المحدثة، كلها استقبلت نحو 362 عائلة في اليومين الأخيرين، يقدر عددهم بنحو ألفي شخص، عانوا ولا يزالون خوفاً وجوعاً وبرداً دون أن يلتفت إليهم المجتمع الدولي، الذي كان همه الأول والأخير القضاء على تنظيم “داعش” والتأكد من عدم إمكانية عودته مجدداً، بحسب ما أدلى به “أيمن الحسين” وهو ناشط مدني يعمل في مساعدة النازحين.

ثلاث عائلات أخرى مع عائلة “عبد القادر عثمان” تقطن حالياً في منزل في حي الصالحية، بعد أن استضافهم دونما معرفة صاحب المنزل بهم من قبل الأمر الذي أعاد الذاكرة إلى سنوات النزوح والتهجير وفتح الناس أبوابها للنازحين، والخوف من الخيمة التي يأمل “عبد القادر عثمان” أن لا يضطر لنصبها مجدداً في المستقبل، وبانتظار انتهاء هذه المعركة بسلام والعودة إلى المنزل.

مساعدات خجولة قدمها بعض الناشطون الذين أطلقوا حملات واسعة لمد يد العون للنازحين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها، ولا سيما فريق “سواعد الخير” المؤلف من عشرة من شباب الحسكة وناشطوها وتجارها، الذين كان جُل تركيزهم على المواد الغذائية والأغطية التي قاموا بجمعها من الأحياء المستقرة نسبياً.

منظمات مشاعل النور، بذور، المودة، مار افرام واليمامة، كان لها أيضاً تحرك نشط في الحسكة وبشكل خاص لدى تجمعات النازحين في المدارس والمساجد التي تأوي إلى الآن العشرات والمئات من القاطنين فيها، إلا أن تحركهم هذا لا يكفي بحسب ما صرح به “عبد العزيز السطم” من مدينة الرقة، الناشط في مجال حقوق الإنسان وعضو صندوق أهل الخير وعضو مبادرة ” الحسكة أهلنا” التي انطلقت من مدينة الرقة، ناقلة المواد التموينية والأغطية التي تم جمعها من سكان مدينة الرقة لأهاليهم في الحسكة.