Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

فن “تطعيم الصدف” في الشمال السوري.. بأيدي دمشقية

خاص - SY24

في ركن خاص من منزله، أقام الشاب الحرفي “محمد القادري” ورشته الصغيرة المتواضعة لحرفة “التطعيم بالصدف، في قرية “عقربات” بريف إدلب الشمالي، وهي حرفة اشتهرت بها مدينة “دمشق” كنوع من الفنون الحرفية المتوارثة عبر الأجيال. 

“محمد القادري” 38 عام  شاب دمشقي هجره النظام من بلدته “بسيمة” في وادي بردى منذ ست سنوات، استطاع أن يعيد ترتيب حياته ومهنته قدر المستطاع في مكان إقامته الحالية في الشمال السوري، وحمل على عاتقه نقل الحرفة اليدوية التي يحبها ويبدع فيها منذ 14 عام حيثما كان. 

يقول في لقاء خاص مع منصة SY24 إنه “تعلم مهنة التطعيم بالصدف منذ كان صغيراً، وأبدع فيها بإنتاج عشرات القطع الفنية المتقنة، والتي تشكل علامة فارقة في الفن الدمشقي”.

“التطعيم بالصدف” هو نوع من فن “الموزاييك” وهي كلمة إيطالية الأصل تعني بالعربية “فسيفساء” تعتمد بالأساس على تجميع قطع حجرية أو خزفية أو صدفية صغيرة جنباً إلي جنب لنحصل على صورة فنية جميلة. 

وعن مراحل الصناعة يقول “القادري” إن :”الحرفة تحتاج إلى دقة وتركيز في جميع مراحل العمل والإنتاج، بدأ من تجهيز القطع الخشبية المعدة للتطعيم، ويستحسن أن تكون من خشب الجوز البلدي فهو المفضل لدى حرفيي المهنة، كونه أكثر جودة ومتانة وجمالية من باقي أنواع الأخشاب كالزان مثلاً”. 

ثم أضاف أنه “بالوقت الحالي ونظراً لصعوبة تأمين القطع الخشبية المطلوبة تم الاستعاضة عنها بصناديق خشبية جاهزة، يتم الصاق النقشات والصدف عليها حسب الشكل المطلوب، ثم تأتي مرحلة حفر أماكن الصدف، وتليها مرحلة تسمى “التصديف” وهي ملء الحفر بالصدف الذي أقوم بتعريضه للجلخ ليتناسب مع شكل النقش المرسوم”.

وأكمل قائلاً :”أخيراً نصل لمرحلة التشطيب النهائي، وتكون عبارة عن حف الخشب المُطعم ليصبح أملس ناعم، ثم نقوم بتلميعه ويصبح الصندوق قطعة فنية الفنية بغاية الجمال والإبداع”.

يخبرنا “القادري” أنه في دمشق يتم صناعة علب المجوهرات وغرف النوم، وأطقم الكراسي بينما اليوم يقتصر عمله على صناديق صغيرة لعدم وجود مختصين بالحرفة بالشمال السوري، وصعوبة توفر المواد الخام الداخلة في صناعة القطع”.

وعن الصعوبات والتحديات التي تواجه “القادري” في عمله بفن تطعيم الصدف يقول لنا إن :”ارتفاع أسعار الصدف وطريقة شحنه من مناطق النظام إلى تركيا ومن تركيا إلى إدلب وهذه الطريقة في الحصول على المواد تزيد من التكلفة”. 

يتراوح سعر كيلو الصدف  من 60 إلى 70 دولار ويكون من النوعية الجيدة، مستورد من الفلبين وماليزيا، ويضاف عليه تكاليف الشحن 20 دولار لكل كيلو أيضاً ما يرفع من سعر القطعة، ويصبح تسويقها صعب جداً في الداخل السوري، لذا يتم التسويق حصراً في تركيا. 

لا يملك “القادري” اليوم ورشة بالمعنى الحقيقية للحرفة إنما هي غرفة بإمكانيات محدودة، يساعده بالعمل صديق ذو خبرة، إذ تحتاج وقتاً لإنتاج القطعة الواحدة قد تستغرق من 15 _20 يوم حسب قوله. 

أثرت الحرب وسنوات التهجير والنزوح التي عاشها “القادري” كمئات الآلاف من المهجرين السوريين على أحلامهم و أعمالهم وخبراتهم، الذي كان من الممكن أن يصبح لديه معمل خاص به، ينتج العديد من القطع الفنية ويحافظ على تراث هذه الحرفة العريقة، والتي باتت الأيادي العاملة بها قليلة جداً، وكان النظام السبب الرئيسي وراء تهجيره ودمار بلدته.