Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

من خلف الكاميرا إلى خشبة المسرح.. قصة نجاح فنانة من الرقة

خاص - SY24

طوال الفترة التي حكم فيها تنظيم “داعش” مدينة الرقة شرقي سوريا، تم منع مثقفي المدينة ورواد المسرح والنوادي الثقافية من ممارسة نشاطاتهم، بل وعمد التنظيم إلى اعتقال عددٍ منهم والزج بهم في سجونه بتهمة مخالفة تعاليمه.

في هذا الوقت استطاع عدد من هؤلاء المثقفين الهرب من المنطقة إلى حين انحسار داعش عنها، وإعلان “قوات سورية الديمقراطي ” ومن ورائها التحالف الدولي السيطرة على المنطقة.

وبعد هذا الإعلان بدأ مثقفوا مدينة الرقة بالعودة إليها تدريجياً مع سماح “قسد” لهم بممارسة نشاطهم الثقافي، عبر إنشاء عدد من المراكز الثقافية وإقامة النشاطات والفعاليات الفنية، والتدريب على العروض المسرحية التي تتحدث عن دور المرأة في المدينة، والتضحيات التي قدمتها طوال السنوات الماضية.

“بتول الحسن”، شابة عشرينية من مدينة الرقة، تحدثت عن حياتها وأعمالها وتجربتها في العمل الإنساني والصحافة والمسرح، مؤكدةً أنها “قد تكون نموذج لعشرات من شابات مدينة الرقة اللواتي  يطمحن بالوصول للنجاح وترك بصمة في الحياة ويمثلن مدينتهم الرقة على وجه الخصوص”.

وقالت في لقاء خاص مع مراسل منصة SY24: “دخلت مع عدة أشخاص دورات لتعليم الصحافة والإعلام في الرقة بعد خروج تنظيم داعش منها، لنقوم بتشكيل مع بقية المنضمين لتلك الدورة، نواة الصحافة والعمل الصحفي في الرقة منذ عام 2017، بعد أن منعتني الحرب من متابعة دراستي، وتقطعت بي السبل كحال كثير من الفتيات، إلى حين وجدت نفسي في ناحية عين عيسى مع عائلتي”.

 

وأضافت أن “أبي كان لاعب تايكوندو وقد دعمني لتحقيق كل طموحاتي في تجربة الصحافة في مدينة خرجت لتوها من سواد يرى في المرأة وعملها أمراً جللاً، ومجتمع عشائري يرى معظمهم أن عمل الصحافة لا يليق بالأنثى بل هو حكراً على الرجال فقط، لذلك خضعت لدورة إعلامية تعلمت من خلالها أساسيات العمل الصحفي والمراسلة والتصوير، ثم باشرت العمل في عدة مؤسسات ووكالات في مدينة الرقة”.

وتابعت: “يعمل في الرقة اليوم ما يقرب من 30 شابة في مهنة الصحافة والإعلام ويجولون في شوارع المدينة التي باتت معتادةً على رؤية الفتيات يعملن كمراسلات ومذيعات ومصورات، بل تجاوز عملهن للصحافة ليقفن على خشبات المسارح والفن، لتكسر الشابة الرقاوية كل القيود المفروضة عليها سابقاً وتدخل مرحلة جديدة تمارس من خلالها جميع نشاطاتها ومواهبها”.

وكان لمرض أختها التي فقدت النطق منذ طفولتها، جانبا مهما في تعلمها لغة الإشارة لتكون صلة الوصل المباشرة لأختها مع العالم الخارجي، وتفتح لها المجال كي تعبر هي الأخرى عما يجول في داخلها من أحلام وطموحات، وتكون لها خير سند بعدما انضمتا لعمل الجمعيات الخيرية التي كسرتا من خلاله حواجز العزلة.

بينما عملت “بتول” كمتطوعة في مشفى تل أبيض في العام 2017، ووجدت نفسها أكثر في العمل الإنساني، الذي تمخض أخيراً بتأسيسها مع أصدقاء لها “فريق أبناء الفرات التطوعي” الذي كان له بصمة واضحة في مدينة الرقة، من خلال المساعدات التي يقدمها تحت شعار “الترويج للعمل الإنساني التطوعي والحض على فكرة مساعدة الناس وخاصة في شهر رمضان”.

في الوقت الذي انضمت فيه “بتول” إلى عشرات من المنظمات والجمعيات والفرق التطوعية ومنها “هذه قصتي للرقة”، لتكون مدربة للغة الإشارة للعديد من أطفال المدينة، وتحصل على شهادات بلغة الإشارة، والتي تطمح إلى أن تكون “من ضمن المناهج الدراسية للأطفال الأصحاء، ليكونوا في المستقبل قادرين وبشكل تلقائي على التعامل مع أقرانهم من ذوي الاحتياجات الخاصة”.

لم تكتف” بتول” بمجال الصحافة والعمل الإنساني، ورأت أن لديها هوايةٌ بالفن والمسرح الذي وجدت نفسها فيه، وأعطاها مساحة أكبر لتعبر عما يجول في مخيلتها، وأسست مع زميلين لها فريقاً مسرحياً خاصاً بهم، قدموا من خلاله عدة مسرحيات من تأليفهم وإخراجهم وتمثيلهم، كان معظمها يحاكي واقع الأطفال من الصم والبكم و يحض على الاستماع لهم وضرورة إفساح المجال للتعبير عن آرائهم.

تقول “بتول”: “المجال مفتوح اليوم أمام فتيات الرقة ليقمن بدورهن ويعبرن عن نفسهن وضع بصمة على جدار ذاكرة المدينة  وخاصة للواتي لم يسعفهم الحظ لإكمال مسيرة التعليم والجامعة فحسب، لأن النجاح لا يحتاج لشهادة جامعية أو حتى ثانوية وأن المهم هو الإصرار على النجاح”.

تحل” بتول” أن تكون محاضرةً عالمية تُلهم من خلال قصتها الكثيرات ممن يقبعن خلف ستائر الخوف والممنوع والعادات التي قتلت أحلام وأمنيات العشرات من فتيات الرقة فيما مضى، وأن تكون مدربة للغة الإشارة وأن تفتتح يوماً ما مدرسة خاصة بها لتعليم الأطفال لغة الإشارة مجاناً.