Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

على يد مهندسة سورية.. مكتبة إلكترونية للأطفال تبصر النور في إدلب

خاص - SY24

دفعتها أمومتها وحبها للعلم والدراسة إلى الجميع بينهما في مشروعها الخاص وهو إنشاء مكتبة إلكترونية تعنى بتقديم قصص ووسائل تعليمية للأطفال من مختلف الأعمار بعدما لاقت صعوبة في تأمين ذلك لأطفالها. 

المهندسة “ظلال شحادة” حاصلة على درجة الماجستير في الهندسة المدنية من جامعة حلب، كما أنها عملت كمديرة مكتب هندسي في الجامعة، ومحاضرة في كلية الهندسة المدنية قبل تهجيرها إلى إدلب، وهي أم لطفلين “خمس سنوات، وسنتين ونصف” تقيم في مدينة سلقين منذ ست سنوات. 

خلال لقائها مع مراسلتنا، تحدثت عن محطات مهمة في حياتها كانت لها الأثر الكبير في التفكير بمشروع مكتبة مخصصة للأطفال، ولا سيما في الشمال السوري، الذي عاش فيه الأطفال ويلات الحرب ولم يأخذ حقه كفاية في التعليم كباقي الأطفال. 

تقول لنا: “عندما رُزقت بأطفالي، وتفرغت للعناية بهم وتعليمهم رغم صغر سنهم، ولأنني أؤمن بأن الطفل في  سنواته الأولى يحتاج إلى تنمية مهاراته الحركية والذهنية، كنت بحاجة إلى قصص وألعاب تعليمية تغني عقله و تنمي مهاراته ولكنني لم أجد ما أحتاجه”. 

تضيف أن معظم المكتبات الموجودة في المنطقة، لم تكن تحوي هذا النوع من القصص للعمر الصغير إلا ما ندر، كما أن الألعاب التعليمية كانت باهظة الثمن ومحدودة العدد، فاكتفت بالحصول على قصص هادفة ذات مغزى، وقصص ذات ألوان زاهية جذابة تلفت انتباه الطفل و تجعله يطلبها مراراً ويتعلق بها.

دفعت هذه الحاجة، والرغبة الملحة السيدة “ظلال” إلى الصنع اليدوي لبعض الألعاب والوسائل التعليمية، و بأدوات بسيطة بما يتلائم مع العمر والوعي، وزادت الحاجة عندما أصبحت أم لطفلين، فكم أم مثل حالها  تأمل بتأمين قصص ووسائل لأطفالها ذات جودة ومحتوى مفيد وهادف.

فكرة المكتبة 

تخبرنا أنه “من هنا جاءت فكرة إنشاء مشروع ذو قيمة ثقافية ومفيدة إلكترونياً ولاسيما أن الفترة الأخيرة زاد التعليم عن بعد، وأصبحت بإمكانك توسيع نطاق الجمهور عبر الانترنت ونشر الأفكار والمشاريع بشكل واسع ومريح”. 

إذ أن تأمين مكان للمكتبة كان من أبرز التحديات والصعوبات التي واجهتها، فاقترحت أن تبدأ بمكتبة إلكترونية أسوة بالعديد من المكتبات الالكترونية والتي  أصبحت مشاريع رائدة، فهي لا تحتاج تكاليف أو تأمين وتحضير مكان معين، ويمكن عن طريق التسويق الناجح أن تصل للمستفيدين وهم في بيوتهم. 

وهنا تواصلت “ظلال” مع العديد من المكتبات ودور النشر في مصر والسعودية والأردن وتركيا، إلا أن أجور الشحن كانت مرتفعة جداً، ثم تواصلت مع دور نشر ومكتبات في تركيا، والذين قاموا بتقديم العديد من التسهيلات لإيصال منتجاتهم إليها.

“بدأت بوادر المكتبة تبصر النور، واسميتها ظلال، اخترت لها من اسمي نصيب علّه يترك ظلاً وأثراً طيباً في نفوس أطفالنا، يمتد كالظل في ذاكرة الأطفال والأجيال القادمة”، هكذا عبرت عن فرحها بأول خطوات مشروعها التعليمي الخاص، وعندما أصبحت جاهزة أنشأت صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة مع كل صورة شرحاً مبسطاً عن المحتوى، والمزايا وطريقة الاستعمال. 

تكمل، “ثم بدأت بتصوير ما لدّي من كتب ووسائل تعليمية وتصميم شارة المكتبة وتنسيق الصور والفيديوهات وذلك بجهد شخصي وبدعم معنوي ومادي من زوجي الذي شجع الفكرة كثيرة “. 

محتويات المكتبة

تحتوي المكتبة على كتب أطفال ذات محتوى مميز وهادف فقد تم انتقاء كل ما تحويه بعناية وحذر، فهي بالإضافة إلى القصص الترفيهية، تنوعت المواضيع بين قصص دينية وأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها الطفل، وبين كتب توعوية تزيد الوعي بمواضيع مختلفة كالتحرش بالأطفال، أو الاعتداء عليهم،. 

إضافة إلى مواضيع صحية عن مشاكل طبية بطريقة مبسطة، مثلاً  هناك قصص عن مشكلة حصر البول عند الأطفال وعواقبه الصحية، وقسم يتحدث عن معاناة أطفال مرضى السرطان، وتجربتهم بتحدي المرض، مما يعزز ثقة هذه الفئة بنفسها و يبرز تعاطف الأطفال لهؤلاء المرضى وقصص أخرى تعليمية بإسلوب مبسط و طريقة عرض جذابة. 

أما بالنسبة للوسائل التعليمية، تحدثنا “ظلال” عن الأصناف المتنوعة في المكتبة التي تناسب جميع الأعمار ابتداءً من الأشهر الأولى للطفل، فمنها ما ينمي القدرات البصرية والحركية للصغار، ومنها ما يحفز على التعلم عن طريق اللعب مما يساهم في تسهيل وصول المعلومة بطريقة محببة وبعيدة عن الروتين والملل، ومنها ما يشرح دروساً تعليمية عبر التجسيد فيجعل الاستيعاب أسهل.

هنا بدأت الطلبات الفردية من الأهالي والأمهات في منطقتي سلقين وسرمدا، مع إمكانية إيصال الكتب والوسائل التعليمية إليهم وبأسعار رمزية، ثم أقبلت الروضات والمؤسسات التعليمية على المكتبة، ما جعلها تفكر في توسيع دائرة المشروع ليصل إلى مدن وبلدات أخرى في المنطقة.

أما بالنسبة للأسعار في المكتبة فهي متوسطة، لتكون في متناول الجميع مراعاة للظروف المعيشية الصعبة، تخبرنا أنها عملت جاهدة لتأمين الكتب والوسائل التعليمية بأرخص ما يمكن، والتوصيل مجاني إلا أن أجور الشحن كانت تزيد من التكلفة.

في نهاية لقائها معنا، تأمل “ظلال” أن يتطور مشروعها ويصبح على أرض الواقع، مكتبة كبيرة ذات تصميم جذاب للأطفال، وأن يكون فيها أماكن للقراءة وممارسة نشاطات التعليمية والثقافية أيضاً وإن لم يكتب له النجاح فسيكون أسعد تجربة لي افتخر بها، لاني كنت سبباً في وصول كتاب أو وسيلة تعليمية ولو لطفل واحد على الأقل.