Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

امرأة في زمن الحرب.. “فاطمة” التي أصبحت سندا لأسرتها وزوجها في الشمال

خاص - SY24

“لم يكن الطريق سهلاً، لكن خطانا ثابتة”..  بهذه الكلمات بدأت “فاطمة هلال” المرأة السورية وابنة الشمال السوري، حديثها في مقابلة مع مراسلة SY24 “سناء العلي”، والتي بدأت بمواجهة التحديات لتكون سنداً لأسرتها وزوجها في زمن الحرب.

 

“فاطمة” سورية تعيش في الشمال السوري في بلدة كفر يحمول التابعة لمحافظة إدلب، فاطمة ذات الأصل والمربى الحلبي المتزوجة من رجل من ريف إدلب.

تركت بيتها وأهلها وذكرياتها في مسقط رأسها حلب، وجاءت مع أسرتها الصغيرة إلى ريف إدلب مع بداية الحراك الثوري في سوريا عام 2011.

سنوات قضتها فاطمة وهي تحاول التأقلم مع عادات وتقاليد وأفكار لم تكن يوماً من الأيام لتسكن في عقلها، لكن الأوضاع ساءت وتغير الحال بها وبأسرتها، ففكرت بأن تكون معيلاً لهذه الأسرة وسنداً لزوجها في حياة رسمتها الحرب بلا رحمة.

 

خطر لها فكرة مشروع “مشغل صغير” يضم بعض السيدات ليعملن في مجال نسج الصوت والخياطة وهذه المهن التي يعرفنها، فكان هذا المشغل هو أول خطواتها في طريق لم يكن سهلاً أبداً.

 

وحول هذا توضح “فاطمة” قائلة: “تطوعت في مكتب المرأة في بلدة كفريحمول وعملت معهم لمدة سنتان، حضرت الكثير من التدريبات مع عدة منظمات، وبعد هذا خطرت لي فكرة افتتاح مشروع صغير لتمكين النساء ونقل المعلومات التي تعلمتها إليهن”.

 

وأضافت “اخترنا اسم الفريق من خلال التشاور بين أعضاء الفريق، وكان الاسم الذي اخترناه هو فريق زمردة،اخترناه لأنه يرمز حقاً إلى تجمع نسائي، فالزمرد نقي وصافي كالنساء”.

 

افتتحت “فاطمة” مشروعها بداية بمشغل صغير وعدد قليل من النساء، ومن خلال الإعلانات والتدريبات التي كانت تُقام في المركز بدأت تتوافد النساء إليه لكسب المهارة والخبرة.

وأدارت “فاطمة” هذا المركز لمدة ثلاث سنوات، أنجز المركز خلال تلك السنوات مشاريعاً مع عدة منظمات كان منها منظمة (شفق_ إحسان_ رابطة الياسمين_ يد بيد وغيرها).

وأشارت “فاطمة” في سياق حديثها إلى أنه “حضرت تدريبات كثيرة مع منتدى الفكر السوري كان من ضمنها تدريب ( إدارة الوقت_ قائد فريق_ تدريب مدربين_ GBV بكافة أقسامه_ جلسات توعية)”.

ومن خلال هذا التدريبات والجلسات التي حضرتها “فاطمة”، أصبحت قادرة على تيسير جلسات توعية مختلفة كان منها ( جلسات توعية عن خطر مخلفات الحرب_ جلسات توعية حول مرض كورونا في بلدة كفريحمول والمخيمات المحيطة بها).

وتطرقت “فاطمة” في سياق حديثها عن عملها عند انتشار جائحة كورونا قائلةً: “قمنا بإجراء جلسة توعية كبيرة حول خطورة المرض وكيفية الوقاية منه وتقليل انتشار العدوى، وجمعنا أقمشة من السيدات وقمنا بخياطة الكمامات وتوزيعها مجاناً لسكان المخيم وسكان البلدة أيضاً”.

 

وبعد جائحة كورونا عاد المركز إلى عمله السابق وهو تخريج نساء من التدريبات المهنية التي كانت تُقام في المركز، إلى جانب جلسات التوعية والتدريبات الأخرى التي كانت تُقدّم للنساء في البلدة، إذ كان من أهم هذه التدريبات والجلسات هي جلسات التوعية حول التأثير السلبي للزواج المبكر.

 

وحول التحديات التي واجهتها وبخاصة من المجتمع أوضحت قائلة، إن “وجود زوجي وصديقتي رقية الدرفيل ودعمهما لي هو ما خفف عني معاناة الطريق وأنساني كلام الآخرين وإحباطهم لي”.

 

واجه المركز الكثير من الصعوبات والتحديات التي كان منها تهميش المرأة وكانت فكرة تجمع النساء في مركز وتمكينهن تلاقي فكرة الرفض التام من خلال المجتمع، ولكن ومع مرور الوقت لاقت التدريبات والجلسات ضمن المركز صدىً جيداً ضمن البلدة واستطاع المركز تخطي جزء كبير من التهميش السابق.

 

وكانت آخر أعمال “فاطمة” هو مشروع دمج الناجيات من معتقلات النظام في المجتمع، وعن هذا تقول: “لقد كنت سعيدة في التعامل مع الناجيات، وأحسست من خلال عملي معهن بمأساتهن ومعاناتهن السابقة وأحببت أن أقدم لهن بعض المساعدة، فقمت بالتواصل مع بعض الإعلاميين والمنظمات لمساعدتهن ونجحت في بعض النقاط”.

 

وختمت “فاطمة” حديثها بالقول: “لن أترك عملي أو أتراجع فيه ما حييت، يجب على المرأة أن تتغير وتتحسن لأجل نفسها، وشعاري دائماً ساعدي نفسك بنفسك.. ماحدا رح يساعدك، لذا أتمنى أن تصبح المرأة مثقفة وواعية وقوية، أتمنى أن يصبح للمرأة صوت ورأي ضمن المجتمع، أنا لا أطلب ان تتخطى الرجل ولكن أتمنى أن تصل المرأة للمكان الذي تستحقه في كل المجالات”.

الجدير ذكره، أن الظروف المعيشية الصعبة في عموم الشمال السوري، تدفع بعدد كبير من النساء إلى العمل في بيئة قاسية، وأعمال لم يعتدن العمل بها سابقاً، وقد لا تلائم قدرتهن على التحمل، في سبيل إعالة أسرهن، وتأمين لقمة عيش كريمة لهن، بعد فقدان المعيل لشريحة واسعة من الأسر أثناء الحرب، أو لحاجة الأسرة إلى أكثر من معيل لتحسين وضعها المعيشي، إذ يصبح قرار العمل في هذه الظروف ضرورة وليست خياراً.