Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

روسيا تكشف عن نواياها تجاه اتفاق إدلب.. ومحللون: الشيطان يكمن في التفاصيل

أحمد زكريا - SY24

موجة من السَخط والامتعاض عبّر عنها وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف”، من خلال تصريحات له وصف فيها بأن الاتفاق الأخير مع تركيا في سوتشي بخصوص منطقة ادلب بأنه “خطوة مرحلية وليس حلًا نهائيًا”.

وقال “لافروف” في تصريحات صحفية له، الجمعة، بحسب قناة روسيا اليوم، إن “الاتفاق يهدف بالدرجة الأولى إلى القضاء على تحدي الإرهاب، وهو خطوة مرحلية من دون أدنى شك، لأن الحديث يدور فقط عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، لكنها خطوة ضرورية لأن ذلك سيتيح منع القصف المتواصل من منطقة خفض التوتر في إدلب لمواقع القوات السورية وقاعدة حميميم الروسية”.

ويأتي تعبير وزير الخارجية الروسي عن امتعاضه، كردِ فعل تجاه التصريحات الصادرة عن بعض ممثلي المعارضة لوكالة “رويترز”، الأربعاء الماضي، أن الاتفاق “يدفن أحلام الأسد في فرض سيطرته الكاملة على سوريا”.

اتفاق على مراحل

ويرى الباحث في العلاقات “الروسية -التركية” الدكتور “باسل الحاج جاسم” في حديثه لسوريا 24، أن لافروف لم يأتي بجديد، فالاتفاق بالمجمل هو مرحلي، كما أن تنفيذ بنوده بالكامل لابد أن تمر بمراحل أيضًا، ولاسيما أن هناك مدة زمنية محدودة وخلال وقت بات ضيق، لإخلاء المنطقة العازلة من السلاح، وإبعاد المجموعات المصنفة إرهابية منها”، وإيجاد مكان آخر لها، وفصل المعتدلين عن المتطرفين، كما يمكن النظر إلى وصف مرحلي باعتبار أن الأمر متعلق بكامل أراضي الجمهورية العربية السورية، وإدلب جزء منها كما هي منبج وباقي مناطق شرق الفرات.

 

روسيا لا تريد أن تخسر في سوريا

وفي ردٍّ منه على سؤال حول السبب وراء قَبول روسيا بالاتفاق الخاص بمنطقة ادلب، أجاب “الحاج جاسم” بأن روسيا قبلت بالاتفاق لأنه في حال تنفيذه يحقق لها حماية قاعدتها العسكرية في “حميميم”، من خلال ابعاد كل الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة ،كما أنه يؤمن فتح الطرق الدولية و ما يحمله ذلك من رسائل سياسية و اقتصادية، بالإضافة إلى أن موسكو اليوم لا تريد أن تخسر ما حققته داخل الأراضي السورية أخيرًا وبتنسيق مع أنقرة، وفي هذا الشق تحديدًا يعتبر ذلك نقطة إضافية في صالحها بإبعاد تركيا في الملف السوري عن واشنطن أكثر فأكثر.

وأضاف، أن إعطاء تركيا المزيد من الأوراق داخل الساحة السورية لا يزعج موسكو باعتبار أن كل من روسيا وتركيا يؤكدان على وحدة أراضي سورية، على العكس من الولايات المتحدة التي عبر أداتها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المصنف ارهابي في الناتو) تسعى لتمزيق سورية.

 

الشيطان يكمن في التفاصيل

وفيما يخص الحديث عن أن اتفاق ادلب أنهى الخِيار العسكري بالنسبة لروسيا، اعتبر الخبير في العلاقات الروسية التركية، أن الوقت مازال مبكرًا للحديث أن اتفاق سوتشي حول إدلب أنهى الخيار العسكري، فالشيطان دومًا يكمن في التفاصيل، إلا أن الاتفاق خطوة ستليها بالتأكيد خطوات أخرى ومزيد من الوقت، قد يتخلل كل ذلك متغيرات هي التي ستبعد خيار العمل العسكري.

اتفاق وسط لإنقاذ روسيا من المستنقع السوري

وعن رأيه في تصريحات وزير الخارجية الروسي بخصوص اتفاق ادلب، قال المحلل العسكري والاستراتيجي العقيد “أحمد حمادة” لسوريا 24: إن روسيا أوقعها الإيرانيون والأمريكيون في المستنقع السوري، وهي خسرت كثيرًا من هيبتها وخسرت عسكريًا وماديًا ومعنويًا، وهي لا تستطيع منع الإيراني والأسدي من استخدام الكيماوي في إدلب، لذلك رأت بالاصطفاف الدولي والموقف التركي القوي ما قد يغير الحسابات، لذلك لجأت إلى تركيا لإنقاذها من المأزق باتفاق وسط.

وأضاف، أن لافروف وزير خارجية لدولة وقعت اتفاقا دوليًا، ويمكن أن يكون هذا الاتفاق على طاولة الأمم المتحدة، فلا يهم ما يفكر به لافروف شخصيًا، وهو يدرك بأنهم ذهبوا بكل إمكانياتهم العسكرية والدبلوماسية لصالح الأسد، ولكن وقفت امكانياتهم عند حدود إدلب، وبالتالي فإن الاتفاق ليس نهائيا فهو مرحلي حتى تتبلور صيغة الحل النهائي المستند إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

الخِيار العسكري انتهى لدى الجميع

من جهته، أعرب “عاطف زريق” رئيس الهيئة السياسية بإدلب عن اعتقاده بأن الخيار العسكري قد انتهى عند الجميع، وأن العمل الأن على الخِيار السياسي خاصةً بعد عودة الحراك السلمي في الشمال السوري، ليرى العالم أن إدلب والشمال ليس إرهاب كما يدعي الأغلب وهي حجة واهية.

ولفت “زريق” الانتباه في حديثه لنا، إلى أن الاتفاق مرحلي كون الأتراك التزموا بتطبيق الاتفاق والمناطق مسحوبة السلاح من طرف المعارضة، مؤكدًا أنه يجب مساعدة الأتراك بالتنفيذ كي لا يلغى الاتفاق، وذلك من خلال اقناع الفصائل على سحب الأسلحة من مناطق منزوعة السلاح، والتماشي مع الإرادة التركية.

وعن رأيه بالأسباب التي دفعت روسيا لقَبول الاتفاق أوضح “زريق”، أن العالم وبالأخص الاتحاد الاوروبي وقف مع الدبلوماسية التركية خوفًا من موجة النزوح المتوقعة، بالإضافة لوجود عدد كبير من المقاتلين من المعارضة بإدلب، كما أن خسارة الروس والنظام ستكون كبيرة جدًا ولو أنها بالنهاية انتصرت، يضاف إلى ذلك الخوف من عدم تحقق مصالحها عن طريق الأتراك من إيصال النفط والغاز.

 

الاتفاق أنزل “بوتين” من فوق الشجرة

وعن وجهة نظره في تصريحات “لافروف” بخصوص اتفاق ادلب الأخير، قال “محمد ربيع الشعار” المنسق العام للرابطة السورية الأوربية لسوريا 24: إنه عندما يصف لافروف الاتفاق في سوتشي بأنه مرحلي فذلك لأنه لا يريد الاعتراف بقبول بلاده الاتفاق وهي مرغمة، فهي لا تستطيع أن تخسر حليفها التركي لصالح عودته للحضن الغربي بصورة كاملة، ومعاداتها والوقوف ضد أجندتها العسكرية والسياسية أولاً.

وتابع: ولأنها أيضًا لا تملك قوات عسكرية تمكنها من اقتحام محافظة إدلب المصممة على المقاومة، خاصةً بعد إجبار العصابات الإيرانية غربيًا ومن تركيا على عدم المشاركة في معركة إدلب، وخاصةً في ظل التهديدات الأمريكية الغربية الجدية بضرب مواقعها ومواقع الأسد العسكرية، في حال استخدام الأسلحة الكيماوية في أي هجوم مرتقب ومتوقع فيه استخدام تلك الأسلحة ولو في نوعها الضعيف.

وأضاف: لذلك قبلت روسيا بالاتفاق، الذي أنزل بوتين من فوق الشجرة التي صعد إليها بتهديدات وجعجعة غير مسبوقتين، متذرعًا بوجود تنظيم القاعدة الإرهابي وغربائه القوقازيين الروس خاصةً.

ورأى “الشعار” أن الخِيار العسكري الروسي سيسقط نهائيا إن أوفت تركيا بما تعهدت به بالاتفاق، وذلك باستئصال تنظيم القاعدة وإبعاده عن التجمعات السكانية عن طريق أبناء الثورة والجيش الحر السوريين، مؤكدً أن إدلب لن تعود إلى حضن الوطن السوري إلا بعد إسقاط الأسد عبر ما يسمونه بالحل السياسي الموعود.

 

مطبخ السموم الروسي

وفي ظل تلك التطورات والتصريحات الروسية فيما يتعلق باتفاق ادلب، يرى مراقبون أن “المطبخ الروسي” لا ينتج سوى السموم، والدليل هو تلك التصريحات فيما يخص منطقة إدلب والاتفاق الموقع بشأنها، مشيرين إلى أن الضامن الروسي لا يمكن أن يؤمن جانبه، لافتين في الوقت ذاته إلى تصريحات مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة “فاسيلي نيبينزيا” لإذاعة “صدى موسكو”، السبت، بأنه: “عندما تعود إدلب إلى حضن دمشق، وهذا سيحدث عاجلًا أم آجلًا، وهو أمر حتمي، ستكون سوريا محررة تقريبا من بؤر كبيرة للإرهابيين، فماذا سيبقى في سوريا عندئذ؟”.

وفي هذا السياق قال “عاطف زريق” رئيس الهيئة السياسية في إدلب: إن الروس لا يؤمن جانبهم وهذا متوقف على تنفيذ بنود الاتفاق بخصوص منطقة إدلب، معبرًا عن اعتقاده أن فصائل الجيش الحر مستعدة لهذا الخِيار قبل وبعد الاتفاق وهذا خيارها الوحيد، في إشارة منه للحديث عن الخِيار العسكري.