Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

عتبة الحل السياسي في سورية.. أربع مناطق وظلّ دولي

لم تذهب الضربات الغربية التأديبية التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد مواقع للنظام الأسدي وحلفائه الإيرانيين والميليشيات أبعد من فعل “فرك الأذن” كحفاظٍ صوري على التزام الغرب بالقانون الدولي الخاص بمنع استخدام الأسلحة الكيماوية في الحروب.

الضربات الغربية يمكن اعتبارها ضربات منحازة لمصلحة استمرار الصراع العسكري الداخلي في البلاد وعليها، ولكن في نطاق استخدام الأسلحة التقليدية غير المحرّمة دولياً.

الضربات الغربية يمكن اعتبارها ضربات منحازة لمصلحة استمرار الصراع العسكري الداخلي في البلاد وعليها، ولكن في نطاق استخدام الأسلحة التقليدية غير المحرّمة دولياً.

 

ولقراءة الأمر بطريقة أعمق نستطيع القول إن اقتحام الغوطة الشرقية وقصفها بأعتى أنواع الأسلحة التدميرية وقتل آلاف المدنيين هو أمر مقبول من الغرب ولا يغضب المحور الأمريكي، وأن جُلَّ ما يغضبه هو استخدام السلاح الكيماوي وضمن دائرة غضب ضيقة، فالتصريحات الغربية التي تلت ضرباتهم الصاروخية أعلنت ببساطة ووضوح شديدين أن الأمر لا يتعلق بإسقاط النظام الأسدي الذي استخدم الكيماوي ضد الشعب السوري؛ بل يتعلق فقط بردعه عن تكرار مثل هذا الاستخدام في مرات قادمة.

هذه المحاكمة السياسية للأمر تكشف عن أمور عديدة ينبغي تلمسها وتحديد موقف واضح منها فالنص الدولي الذي حرّم ومنع استخدام السلاح الكيماوي لم ينس أن يشمل مرتكبي هذه الجرائم من المحاسبة بل قال بضرورة محاسبتهم بموجب القانون الدولي الخاص بهذه الجرائم.

فما دام النظام الأسدي قد استخدم السلاح الكيماوي ولمرات ٍكثيرة (قدّمت بريطانيا رقماً كبيراً لعدد مرات استخدام النظام لهذا السلاح المحرّم) فكيف تتم فقط عملية فرك أذنه ولا تتم عملية محاسبته وفق القانون الدولي، هذا يفترض بالضرورة أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والذي يدعي ثبوت استخدام هذه الأسلحة لا يمارس دوره في الدفاع الحقيقي عن السلم والأمن الدوليين عبر منع استخدام هذه الأسلحة إلا في نطاق مصالحه السياسية وبالتالي فهو على هذا المستوى يكون شريكاً فعلياً في ارتكاب جرائم الكيماوي.

إذاً الغرب يفصل في المسائل التالية المتعلقة بالصراع العسكري في سورية وعليها، وهذا الفصل يرتكز على ما يبدو على تنفيذ حلٍ سياسي متفقٍ عليه في إطاره العام يقوم على قاعدة تقسيم سورية إلى أربع مناطق نفوذ رئيسية تشمل الجنوب والجنوب الغربي (الولايات المتحدة والأردن) والشرق والشمال الشرقي بدءً من ضفة الضفة اليسرى لنهر الفرات في محافظتي دير الزور والرقة، وصولاً إلى الحدود العراقية والتركية في محافظة الحسكة ( الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الغربي) شمالي حلب ومحافظة إدلب (تركيا) وتبقى العاصمة دمشق ومحيطها إضافة إلى المنطقة الوسطى والمنطقة الساحلية (روسيا وإيران والنظام).

إذاً إن محاسبة مستخدمي الأسلحة الكيماوية سيأتي لاحقاً على طاولة المفاوضات التي ستجمع جميع اللاعبين والذين سيقررون طبيعة نظام الحكم في البلاد بموجب مسار جنيف على قاعدة القرار الدولي 2254 الصادر عام 2015 عن مجلس الأمن، ويقررون معها مآلات الحرب ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، فليس الآن على ما يبدو وقت محاسبة النظام الأسدي على مجمل جرائمه وإنما وقت الوصول إلى عتبة الحل السياسي المنشود سّيما وأن الصراع العسكري في البلاد قد أنهكها ومزّق شعبها بين نازح ولاجئ وقتيل وجريح ودمّر بناها وشلَّ اقتصادها.

لذلك يعتقد الغرب أن محاسبة مستخدمي السلاح الكيماوي والضالعين بجرائم ضد الانسانية وجرائم حرب ستتم محاسبتهم في نهاية هذه الحرب الطاحنة وليس الآن.

ولكن هل جميع الأطراف الإقليمية والدولية راضية بهذا السيناريو الذي يبدو أنه سيناريو خاص بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا؟ وهل اتفاقات جون كيري – لافروف لا تزال سارية المفعول بين البلدين بشأن عتبة الحل السياسي أم أن مجيء الطاقم “الصقري” الجديد (بومبيو – بولتون – هاسبل) سيفرض مساراً جديداً للحل السياسي تتقلص بموجبه حصة الروس وحلفائهم لمصلحة حصة الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؟

هذه القراءات لا تزال مفتوحة على احتمالات التغيير والتعديل تبعاً لتداخل عوامل عديدة فيها وبسبب درجة فعالية أنساقها الداخلية والتي قد تذهب بكل هذه السيناريوهات إلى حالة حرب عاصفة بين محورين دوليين هما المحور الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمحور الروسي الإيراني، أو قد تمس الحرب طرفاً من هذا المحور أو ذاك بشكل جزئي دون مواجهة المحور كشن الحرب على إيران وإخراجها من سورية والمنطقة.

الجواب هو مزيد من الانتظار والترقب لمعرفة اتجاهات الحل السياسي والذي يبدو إنه لا يزال في طور التشكل ولم يكتمل شكله النهائي بعد.