Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

الهيئة وكارثة الزلزال.. استجابة لدعم المدنيين أم لتكريس السلطة؟

خاص - SY24

تباينت الآراء والمواقف حول مدى استجابة هيئة تحرير الشام لكارثة الزلزال التي ضربت منطقة شمال غربي سوريا، بين من وجد أنها استجابة ضعيفة ولم تكن دون المستوى المطلوب وبين من وجد أنها سارعت للاستجابة بهدف بسط سيطرتها ونفوذها والظهور أمام المجتمع الدولي بمظهر مختلف من بوابة الإنسانية.

 

جاء ذلك على لسان مصادر متطابقة من أبناء الشمال السوري، والذين فضّل الكثير منهم عدم ذكر اسمه خشية التعرض لأي مساءلة بسبب انتقاده الهيئة أو حكومة الإنقاذ التابعة له في المنطقة.

 

ومن بين تلك المصادر أحد أبناء إدلب، والذي قال “رغم أنني أرى أن التوجه العام في حكومة الإنقاذ والحكومة المؤقتة أسوأ من بعضهما في معالجة أمور الناس في المحرر،  لكنّ الأسوأ منهما أصحابنا أهل البيت”.

 

وأضاف أن “الهيئة استغلت مأساة الناس خلال تلك الكارثة وهذا ليس بجديد عليهم، يضاف إلى ذلك تكميم الأفواه وشراء الذمم على طريقة النظام، وهذا الأمر ظاهر للعيان، لكنّ الأسوأ من ذلك وجود المنافقين الذين يروجون لبطولات الجولاني وزبانيته وعلى رأسهم بعض الإعلاميين المأجورين، والمحزن سقوط بعض الشرفاء في فخ الترويج للجولاني في إدلب وحارم وجسر الشغور”.

 

وختم بالقول “الأمر لله من قبل ومن بعد، والمشتكى إليه وحده”، في تعبير عن سخطه من ممارسات الهيئة في منطقة إدلب.

 

من جانبه، الناشط السياسي، صادق خير الله (اسم مستعار)، فقال، إن “الزلزال هو كارثة بكل معنى الكلمة، وكارثة كشفت عورة المجتمع الدولي برمته، وكشفت أيضا عورة المنظمات الإنسانية المحلية والدولية”.

 

وتابع أنه تبيّن أن استجابة الحكومات المسيطرة على شمال غرب سوريا كانت ضعيفة جدا من اللحظات الأولى للزلزال، حسب تعبيره.

 

وأشار إلى أن الكارثة كبيرة جدا وتحتاج إلى مساعدات دولية، لكن تبيّن أن الحكومتين (الإنقاذ والمؤقتة) لا تملك أي شيء باستثناء فرض سيطرة على المساعدات الداخلة إلى المدنيين والتحكم بتوزيعها عليهم.

 

وزاد بالقول “شاهدنا في إدلب تشكيل استجابة طارئة على عجل لحكومة الإنقاذ والشورى وكان يترأسها الجولاني، وكان الهدف منها مخاطبة المجتمع الدولي، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يخاطب فيها الجولاني المجتمع الدولي”.

 

واعتبر أن الشعب في الشمال يحتاج للكثير المساعدات، ولو حصل ما يجري في الشمال في دول أخرى لشاهدنا الحكومات تقف وتعتذر من شعبها، لكن ذلك لم يحصل سواء من حكومة الإنقاذ أو من الحكومة المؤقتة، وفق وجهة نظره.

 

وحسب دراسة صادرة عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة، والذي أصدر دراسة بعنوان “هيئة تحرير الشام وارتدادات الزلزال”، أوضحت أن “الهيئة تعاملت مع الأيام الأربعة الأولى للزلزال، كفرصة لتكثيف محاولاتها لتأكيد شرعية وجودها، استنادًا إلى قدرتها على تقديم نموذج حوكمة فعال من ناحية، وأكثر شفافية وتنظيمًا من نماذج الحوكمة في مناطق النظام وفصائل الجيش الوطني من ناحية ثانية؛ فكان التعاطي الإعلامي مع الكارثة استمرارًا لمسعى الهيئة لاستغلال أي فرصة لتأكيد شعبيتها وقربها من الناس المحليين وتلبية احتياجاتهم”.

 

وبعد 11 شباط/ فبراير، انصبّ جهد قادة الهيئة ومصادرها الإعلامية على إظهار مدى شفافية حكومة الإنقاذ وهيئاتها، في التعامل مع البعثات الإغاثية والمساعدات، وهي نقطة استغلها الجولاني في المقارنة مع تعامل الأسد وحكومته مع الكارثة، حسب دراسة مركز حرمون للدراسات.

 

ورغم أن الدراسة التي صدرت كانت موسعة، إلا أن الكثير من المصادر امتنعت عن التعقيب، وقال أحد سكان المنطقة لمنصة SY24، إن “هناك تخوف من انتقاد الهيئة ولا أحد يجرؤ على انتقادها إلا بشكل خفيف جدا، دون أن يتم التطرق إلى الملفات الصعبة”.

بعض من تم التواصل معهم كان لهم رأي آخر حول مدى استجابة الهيئة لكارثة الزلزال، إذ قال راجح الشمالي (اسم مستعار) لمنصة SY24، إن “هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها تعتبر من أكثر سلطات الأمر الواقع تنظيماً في المنطقة، ولا شك أن كارثة الزلزال تعجز حكومات دول قائمة ولديها موارد وشرعية من الاستجابة لها بالحجم المطلوب لحظة وقوع الكارثة، لكن ما شاهدناه من استجابة لحكومة الإنقاذ ومن خلفها الجناح العسكري، كان مذهلاً بالفعل، والحق يقال مع تعقيبنا على سياستها السابقة وإن كانت الاستجابة للكارثة بهدف الظهور، فنعم الظهور، (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)”.

 

ومضى بالقول، إن حكومة الإنقاذ هرعت إلى تشكيل لجان وتقسيم المهام منذ الساعات الأولى، وكانت تصدرت المشهد إعلامياً وميدانياً، من خلال استجابتها للكارثة بكل طاقتها، حتى أنها شاركت في منطقة جنديرس المنطقة الأكثر تضرراً، التي تخضع لسيطرة الحكومة المؤقتة، وكأنها جزء أساسي من سيطرتها، ورغم ذلك لم تفتعل أي مشكلة وكانت على قدر عالي من المسؤولية والتنسيق مع القوى المسيطرة من فصائل ومجالس محلية فيها، حسب صفه.

وترى الدراسة التي أصدرها مركز حرمون، أن “التصريح الذي أدلى به الجولاني لصحيفة الغارديان: (لن يكون تاريخ هذه المنطقة بعد الزلزال كما كان قبله)، قريب من الصواب. فتبعات الزلزال لم تقتصر على التسبب في كارثة إنسانية فحسب، بل شكلت فرصة لطرح كثير من الأسئلة وفتح ملفات عالقة، سواء في ما يتعلق بالعقوبات المفروضة على النظام السوري أو مسألة التعامل مع سلطة الأمر الواقع التي تفرضها هيئة تحرير الشام”.

 

من جانبه، قال أحد المهتمين بملف إدلب والتطورات الجارية هناك لمنصة SY24، إن “إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا والمرتبطة بحكومة الإنقاذ السورية كان أداءها إنسانيا بالدرجة الأولى من حيث سرعة الاستجابة في تيسير دخول قوافل المساعدات الأممية للمستفيدين منها، وذلك من خلال سرعة إرسالها للمنظمات المعنية بتوزيعها وفقا للأولويات، وهذا يعتبر واجب إنساني بالدرجة الأولى ويتطلب جهودا مضاعفة في سرعة الاستجابة، كذلك المستفيدون من برنامج الدعم الدولي، كان لهم دور فعال من خلال سرعتهم في التواصل مع المنظمات.

 

ولفت إلى أن المعبر كان يعمل في أعلى قدرته الاستيعابية من أجل التنسيق للموفدين الدوليين والأمميين، من أجل تنسيق دخولهم وكذلك تقديم الدعم اللازم لتحركاتهم اللوجستية، وكذلك دخول الصحفيين، من أجل تسليط مزيد من الأضواء حول الزلزال وتداعياته على المناطق التي تضررت في شمال غرب سوريا، وفق وجهة نظره.

 

ووسط كل ذلك، يرى مُعد الدراسة في مركز حرمون، بأنه إذا لم يكن هناك انتقال نحو نموذج حكم تشاركي تمثيلي، فستبقى المنطقة (شمال غربي سوريا) بعيدة عن الاستقرار، وعرضة للانفجار من جديد، في حال طرأت معطيات جديدة، كحدوث انشقاقات داخل الهيئة مثلًا، أو تبدّل توجهات وأولويات قادتها الحاليين، أو ظهور حركات احتجاجية محلية على تردي الوضع المعيشي أو أسلوب إدارة الهيئة، وفق ما جاء فيها.