Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

“تحضير المونة” مشاريع عمل صغيرة تلقى رواجاً في الشمال السوري 

خاص - SY24

تمكن الشاب “محمد الدغيم” 25 عاماً، من افتتاح مشروعه الخاص لصناعة الألبان والأجبان، وكافة أصناف المونة التي تشتهر بها العائلات السورية، بعد تهجيره من مدينة جرجناز في ريف المعرة الشرقي قبل ثلاث سنوات، إلى منطقة سهل الروج، واتجه بمساعدة أشقائه الثلاثة إلى إنشاء مشروع  صغيرة لمواجهة قلة فرص العمل، وتردي الأحوال المعيشية والغلاء والفقر، الذي خيم على معظم الأهالي في الشمال السوري. 

بإمكانيات بسيطة وبخبرة أهل الريف في صناعة المونة بأجود المعايير، وبطريقة يدوية خالية من أي مواد حافظة أو قليلة الجودة، استطاعت عائلة الشاب “محمد” من تحقيق دخل جيد وتأمين فرصة عمل شبه دائمة، من خلال صناعة وتحضير كافة أصناف المواد الغذائية، كصناعة الألبان والأجبان ومشتقاتها، في ورش صغيرة بمنزلهم في سهل الروج، والتي تعد منطقة زراعية بامتياز، وتشتهر بتربية الماشية من الماعز والأغنام والأبقار، وبالتالي وفرة مادة الحليب وبأسعار مناسبة، لصناعة باقي الأصناف الأخرى، وبيعها إلى كافة مناطق الشمال السوري. 

يقول “محمد” في حديثه إلى منصة SY24 إن “مايميز منتجاته هو الجودة، والطعم الأصلي كون المواد طبيعية، والأسعار مناسبة، إضافة إلى إمكانية التوصيل المجاني لأي طلب كان إلى المنزل، وهذا ما جعل مشروعه يكبر ويلقى رواجاً وتسويقاً بين الأهالي في مختلف المناطق، بسبب رغبة الأهالي في شراء المونة التي كانوا يصنعونها سابقاً في قراهم ومنازلهم”. 

يتعمد الشاب على صنع كميات كبيرة من المونة، وبذات الجودة التي اعتادت عليها الأسرة السورية في السابق، ويبيع مطربات الجبنة واللبن وغيرها إلى ربات المنازل في مناطق الشمال كونها تفتقر إلى وجود الماشية والمراعي فيها عكس منطقة سهل الروج. 

يقول:” لجأت إلى منصات التواصل الاجتماعي وغرف الوتس آب لعرض المنتجات والتوصيل المحاني لكافة المناطق، في مجموعة أطلقت عليها اسم (مونتك من عنا) وبدأت عروض كثيرة تنهال علينا لشراء المونة، و بكميات جيدة نوعا ما، كون الأسعار أقل من السوق، والجودة عالية، وبعد التواصل مع الزبائن وحصولهم على منتجاتنا لأول مرة، تنال إعجابهم ويكررون الطلب بين الحين والآخر”. 

وعلى الجانب الآخر، تكثر محلات بيع الألبان والأجبان في مراكز المدن، ولكنها تركز على بيع كميات قليلة منها عكس الطلبات التي يلبيها “محمد” لذا فإنه يستبعد فكرة افتتاحه محل تجاري وسط المدينة، ويركز في عمله على توصيل الطلبات للأهالي في الأرياف والمخيمات والمناطق البعيدة، كون معظم النازحين من أهالي الريف الذين يفضلون الصناعة اليدوية على منتجات المعامل. 

تستذكر السيدة “أم ماهر” مهجرة من خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بيت المونة في منزلها، الذي كان لا يخلُ من جميع أنواع مطربانات المواد الغذائية، و بكميات كبيرة، في حين تشتري اليوم حاجتها بالغرامات، بسبب ارتفاع أسعارها، وتدني مستوى الدخل بشكل عام. 

تقول “كنت أضع في كل عام ثلاثين كيلو من الجبنة، وعشرة مطربانات دوبيركة، ومثلها من دبس الفليفلة، والمكدوس والزيت وغيرها من المونة، كانت أيام بركة، لكنها أصبحت اليوم من الذكريات الجميلة والماضية. 

تمثل “أم ماهر” حال آلاف العوائل المهجرة التي كانت تعتمد على صناعة المونة في منزلها بشكل أساسي، قبل التهجير والنزوح، إلا أن ظروف الحرب وسنوات الغلاء وارتفاع الأسعار جعلت هذه العادات تختفي شيئاً فشيء، باستثناء عند عدد محدود من العائلات الميسورة الحال. 

تختلف أسعار مشتقات الحليب بين منطقة وأخرى إلا أنها تتميز بشكل عام بالارتفاع ، حيث يصل كيلو جبنة البقر إلى 60 ليرة تركية، واللبنة 55، والسمن العربي 140 ليرة، في حين ترتفع أسعار لبن الغنم بفارق عشر ليرات عنها، ما يجعل فكرة شراء كميات كبيرة منها لدى معظم العائلات أمراً صعباً إذ تكتفي اليوم بشراء كميات قليلة، على مبدأ (كل يوم بيومو) حسب ما أكده لنا “محمد”. 

رغم أن صناعة الألبان والأجبان تنشط في مثل هذه الأيام من السنة، مع بداية موسم الربيع والصيف، إلا أن ارتفاع   أسعارها جعلها خارج متناول عدد من الأهالي ولاسيما ذات الدخل المحدود، كما تشهد الأسواق نوعاً من الجمود بعمليات بيع وشراء المواد الغذائية في أسواق الشمال السوري، ما تسبب في غياب أصناف كانت تعد رئيسية عن موائد السوريين، ليصبح شراء مونة الجبن أو اللبن من الرفاهيات التي لا تعجز عائلات كثر عن تأمينها.