Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

في موسمه الحالي.. ورق العنب ضيفاً خجولاً على موائد السوريين

خاص - SY24

في موسم جنيه، تحرم عائلات كثيرة في الشمال السوري من تحضير مونة “ورق العنب” المفضلة لديهم، بسبب ارتفاع  أسعاره هذا الموسم، اذا زاد ضعف ما كان عليه العام الماضي، حسب قول السيدات اللواتي تحدثنا إليهن.

ولم تتمكن كثيرات منهن من شراء مونة الورق، واقتصرت على طبخة واحدة في موسمه كما فعلت السيدة الأربعينية “أم علي” مهجرة بلدة معرة حرمة في ريف إدلب الجنوبي، إذ وصل سعر الكيلو منه إلى 45 ليرة تركية.

تصف “أم علي” حبها للأكلة الشعبية، بنوعيها (اليبرق واليالنجي) بأن لها مكانة في قلوب وموائد السوريين، وكان يخلُ منزل منها في السنوات السابقة، ناهيك عن الدوالي التي كانت في حدائق منازلهم أو من أراضيهم الزراعية، وكانوا يعتمدون عليها في تأمين مؤنتهم من الورق، قبل نزوحهم، وتعد إحدى الأصناف الرئيسة في العزائم والولائم والمناسبات.

غير أن الظروف الاقتصادية والمعيشية المتردية أرخت في ظل إلها على لقمة السوريين، وجعلت أبسط مقومات العيش من تأمين الطعام والشراب عبئاً يستغنون عنه في ظل الأوضاع الحالية، وتدني القدرة الشرائية لغالبية السكان.

تقول “أم علي”: إن الغلاء لم يقتصر على أسعار الورق، بل إن تحضير طبخة اليبرق اليوم تحتاج إلى مبلغ كبير ما بين ثمن اللحمة الأرز المكونات الأخرى، وتصل تكلفتها إلى مئتي ليرة تركية، مشيرة إلى أنها استبدلت اللحم بالخضار وطبختها مرة واحدة فقط كي لا تحرم عائلتها منها.

حيث شهدت معظم المواد الغذائية والسلع الأساسية ارتفاعاً ملحوظا ولاسيما في الفترة الأخيرة تزامنا مع انخفاض قيمة الليرة التركية مقابل الدولار، ما جعل كثيراً من العائلات تكتفي بالحاجات الضرورية فقط، على مبدأ كل يوم بيومه، والاستغناء عن تحضير المونة من جميع الأصناف.

يبدأ موسم قطاف ورق العنب من الكروم في شهر أيار، ويقطف ثلاث مرات كل 15 يوم مرة، ويفضل قطافه باكراً أو في المساء حيث تكون الأوراق طرية ورطبة، ويعد موسم جيداً بالنسبة لأصحاب البساتين، إذ يؤمن لهم دخلاً مادياً يفوق مردود ثمار العنب، وترتفع أسعاره بين السنة والأخرى.

شريحة كبيرة من أهالي الريف ولاسيما ريف إدلب الجنوبي، كانوا يعتمدون على حقولهم في تأمين مونة ورق العنب، وباقي أصناف المونة الأخرى، ونادراً ما كانوا  يشترونها من الأسواق كحال السيدة “أم علي” .

تخبرنا “منال” إحدى السيدات اللواتي تعمل في تحضير المونة مقابل أجر مادي، مقيمة في مدينة إدلب، عن أصناف الورق الجيدة والمرغوبة، تقول: إن “هناك أنواعاً عديدة  للورق، منها الامريكي، والزينبي، والفرنسي والبلدي، وأفضلها الذي تميزه نكهة الحموضة ويكون طرياً ليناً مقطوفاً في موسمه”.

تشرح لنا طريقة حفظ الورق بين سيدة وأخرى، فمنهن من تضغط الورق دون ماء في الزجاج فهي طريقة فعالة ، تقول لنا، سابقاً كنت اعتمد على طريقة التبريد في حفظ المونة وأضع أوراق العنب و حبات البازلاء والفول في ثلاجة البراد، أما اليوم بانعدام الكهرباء بتنا نتحايل على ظروفنا بالطرق القديمة والبدائية في حفظ المونة”.

وهناك طريقة أخرى تسمى” الكفوف”، بحيث تصف الورقة فوق الأخرى على شكل “رزم” تقول” منال” إن “هذه الطريقة تعلمتها منذ زمن من والدتها وتعلمها الآن لابنتها، فهي فعالة في حفظ ورق العنب لفترة طويلة، إذ ترص رزم الورق، وتضعها في وعاء كبير يتسع لها، ثم تغلي كمية معينة من الماء والملح، وتضيفها إلى الوعاء وتترك ليوم واحد، حتى يتغير لون الورق ويصبح أكثر ليونة، ثم يعبأ في مرطبانات زجاجية فهي الأفضل للمونة، وتكبس جيداً لمنع بقاء الهواء داخلها كي لا تفسد ثم يضاف لها الماء والملح وتضغط جيداً وتصبح جاهزة “.

وبعد أن كانت من الوجبات الأساسية عند غالبية السوريين سابقاً، أصبحت اليوم أكلة “اليبرق” الشهيرة المصنوعة من ورق العنب، من الأصناف التي تفتقر إليها موائد الأسر السورية، بسبب ارتفاع تكاليف تحضيرها، نظراً للغلاء الذي تشهده كافة المناطق، وسوء الأوضاع المعيشية التي أجبرت عائلات كثيرة على التخلي عن أكلاتهم المفضلة تبعاً لظروفهم الاقتصادية.