Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

كيف يستغل النظام السوري المعابر لشرعنة وجوده السياسي والاقتصادي؟

أحمد زكريا - SY24

أثار افتتاح معبر “جابر- نصيب” الحدودي بين سوريا والأردن، الكثير من التساؤلات عن مدى انعكاس هذا الأمر على نظام الأسد سياسيا واقتصاديًا.

في حين، حذرت أطراف أخرى من أن إعادة افتتاح هذا المعبر لصالح النظام سيشكل ورقة ضغط على الجانب اللبناني، كون الشاحنات اللبنانية تمر عبر هذا المعبر باتجاه الدول العربية الأخرى، وسط مخاوف من أن يلجأ النظام للتضييق على تلك الشاحنات للضغط على الحكومة اللبنانية فيما يخص ملف إعادة اللاجئين السوريين المتواجدين على أراضيها.

وتزامنت تلك التطورات مع مباحثات يجريها نظام الأسد مع الجانب العراقي، لإعادة فتح المعابر الحدودية بين سوريا والعراق وخاصة معبر “القائم – البو كمال”، كما تزامنت مع افتتاح معبر “القنيطرة” بين سوريا وإسرائيل برعاية من الأمم المتحدة.

وفيما يخص انعكاس إعادة افتتاح معبر نصيب وغيره من المعابر الأخرى ومدى استفادة نظام الأسد منها، على صعيد سياسي واقتصادي وإنساني، التقى موقع “سوريا 24” مع “محمد العبد الله” الباحث في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، والذي أجاب عن تلك التساؤلات وغيرها من النقاط الأخرى.

بداية مرحلة إعادة شرعنة الأسد

وقال “العبد الله”: ينظر إلى إعادة افتتاح معبر “نصيب” في شقه السياسي بأنه يمثل بداية مرحلة جديدة ملموسة لإعادة شرعنة نظام الأسد، وإعادة تأهيله إقليمياً من قبل المملكة الأردنية التي صنفت في عداد الائتلاف المناهض لهذا النظام خلال السنوات التي تلت انطلاق الثورة السورية، وبالتالي فإن التداعيات السياسية والدبلوماسية المترتبة على هذه الخطوة سيكون لها أثر مستقبلي باتجاه إعادة العلاقات كاملة بين البلدين، ومنح النظام متنفساً جديداً في محيطه الإقليمي والعربي.

وأضاف، أن النظام وعبر حليفه الروسي، عمل جاهداً للضغط على عمان لفتح المعبر الحدودي بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين الذي يقدر عددهم بمليون وثلاثمائة ألف لاجئ سوري، والذي من شأنه أن يساعدها في إظهار أن الحرب تقترب من نهايتها وأن البلد يتجه للاستقرار، فالمكاسب الاقتصادية التي يسعى الأردن لتحقيقها قد تؤجل أمام تركيز النظام وحليفه الروسي على ملف إعادة اللاجئين.

ويضيف الباحث في مركز “عمران”، أنه يمكن استنتاج ذلك من القوانين الجديدة التي فرضها النظام على حركة الترانزيت، من خلال رفع رسومها مقارنة بما كانت عليه قبل عام 2011، ناهيك عن إمكانية وجود توافق ضمني بين النظام والأردن للدفع باتجاه تحقيق هدف النظام لعودة اللاجئين الذين ضاق بهم الأردن ذرعاً، بعد أن تجاوزت تكلفة استضافتهم حاجز سبعة مليارات دولار أمريكي، إلى جانب الضغط على موارده الاقتصادية المحدودة باستضافته لهذا الكم الكبير من اللاجئين.

إعادة إنعاش الاقتصاد السوري المدمر

وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادي وحجم الاستفادة التي سيحققها النظام أوضح “العبدالله” أن النظام يسعى للاستفادة اقتصادياً من فتح المعبر لرفد خزينته بالقطع الأجنبي، وإعادة إنعاش الاقتصاد المدمر، وإن كان لا يخفى الجهود الكبيرة التي بذلها القطاع الخاص السوري والأردني للضغط باتجاه إعادة افتتاح المعبر، كون سورية مقبلة على عملية إعادة الإعمار وتسعى الشركات الأردنية جاهدة للحصول على موطئ قدم في هذه العملية.

ولفت “العبد الله” في ذات السياق، إلى أن الصادرات الأردنية لا تمثل قيمة اقتصادية كبيرة للجانب الأردني، إذ لم تشكل الصادرات الأردنية إلى سورية سوى جزء صغير من صادراته تقدر بـ 3.6% في عام 2010 من إجمالي صادراتها وما قيمته 286 مليون دولار.

في حين يعول الأردن في فتح المعبر بشكل أكبر على صادرته إلى لبنان وتركيا وأوربا، والحصول على رسوم الترانزيت على البضائع عبر أراضيه إلى دول الخليج، إذ تقدر عائدات الأردن من هذا المعبر بـ 800 مليون دولار أمريكي سنوياً.

وتابع، بأن النظام يعدّ المستفيد الأكبر اقتصادياً، من خلال جني عوائد رسوم الترانزيت وتصدير بعض منتجاتها للأردن ودول الخليج، مما سينعكس إيجاباً على إعادة الحياة الاقتصادية له، حيث قدرت قيمة الصادرات السورية عبر معبر نصيب خلال عام 2010 بأكثر من 700 مليون دولار أمريكي سنوياً، وبالتالي يمكن القول بأن افتتاح معبر نصيب هو مدخل لإعادة العلاقات السياسية بين البلدين عبر بوابة الاقتصاد.

معبر “القنيطرة” شرعنة إسرائيلية لنظام الأسد

وفي ردّ منه على سؤال حول انعكاسات إعادة فتح معبر “القنيطرة” مع إسرائيل على نظام الأسد أجاب “العبد الله”: إن افتتاح معبر القنيطرة يرمي في جزء كبير منه إلى قبول الجانب الإسرائيلي لنظام الأسد ومنحه شرعية سياسية، من خلال السماح لقوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك لاستئناف دورياتها في المنطقة، وهو ما يوفر لإسرائيل استقراراً أمنياً على حدودها مع سورية.

معبر “نصيب” متنفس اقتصادي للبنان

وعن رأيه فيما يتم تداوله بأن نظام الأسد سيستخدم معبر (نصيب) كورقة ضغط على الحكومة اللبنانية سياسيًا ومن أجل عودة اللاجئين، خاصة وأنه الشاحنات اللبنانية ستمر عبر هذا المعبر، أوضح الباحث في مركز عمران للدراسات، أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، لذا كان هناك ضغط من الجانب اللبناني على الأردن لتسهيل إعادة فتح معبر نصيب، سعياً منه للبحث عن موارد اقتصادية لتخفيف تداعيات هذه الأزمة، حيث سيمكن فتح المعبر لبنان من استئناف حركة التصدير البري للمنتجات الزراعية باتجاه الدول العربية والتي تشكل حوالي 85% من هذا الإنتاج، إلى جانب استئناف تصدير الصناعات الغذائية التي تشكل 32%.

ومن المتوقع أن تجني الخزينة العامة 400 مليون دولار أمريكي من الترانزيت، إلى جانب الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة.

وأضاف في الصدد ذاته، بأن هذه الحماسة من الجانب اللبناني ارتطمت بقيام نظام الأسد برفع رسوم الترانزيت بشكل كبير على الشاحنات اللبنانية، لابتزاز الجانب اللبناني الذي يسعى من أجل دعم اقتصاده، ناهيك عن الضغوط السياسية التي يمارسها النظام على الحكومة اللبنانية لإعادة التطبيع معه بشكل كامل.

مرور الشاحنات اللبنانية مقابل عودة اللاجئين السوريين

ويرى “العبد الله” أن قبول النظام بمرور الشاحنات اللبنانية عبر معبر نصيب في مرحلته الأولى، ينظر إليه في سعي النظام بشكل متدرج لإعادة اكتساب شرعيته أمام الدولة اللبنانية من البوابة الاقتصادية، مستغلاً الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، ومستفيداً من علاقاته مع حزب الله وحلفائه للضغط بهذا الاتجاه، ومن جانب آخر يحاول النظام وحليفه الروسي بالضغط على الحكومة اللبنانية عبر حلفائه في هذا البلد، للتجييش ضد اللاجئين السوريين لإجبارهم على العودة إلى بلادهم.

المعابر الحدودية العراقية من حصة “إيران”

وعن قراءته لمساعي النظام الحثيثة لإعادة فتح المعابر مع العراق والتي هي بالأصل مغلقة ولا تعمل إلا لضرورات عمل ميلشيا الحشد الشعبي والاستشاريين الإيرانيين الذي يجتازون الحدود باتجاه سوريا لأعمال عسكرية، إضافة إلى العمليات التي تقوم بها قوات التحالف الدولي بقيادة القوات الأمريكية، قال “العبد الله”: أرى أن هذه المساعي تنصب في إطار إعلامي بحت، وهو لإثبات أن النظام عادت له شرعيته، حيث أن المعبر ملاك لإيران بالطرفين العراقي والسوري ولن تتخلى عنه لصالح النظام، وبالتالي حتى لو تم إعادة فتحه بشكل رسمي فسوف تتم إدارته عن طريق حلفاء محليين لإيران.

وختم بالقول: إن بدأ العمل بمعبر ” البوكمال” هو أول خطوة باتجاه التصعيد نحو معبر “التنف”، وفِي وقت لاحق نحو معابر كردستان، ومن ثم تبقى “المعابر مع تركيا” والتي على الأغلب سيحدد مصيرها كجزء من اتفاق “استانة”.