Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

قاربت الخمسين من عمرها.. سيدة تنجح بالثانوية العامة في الشمال السوري 

خاص - SY24

بإرادة وإصرار استطاعت السيدة “رؤية حسين البكور” أم عبدو، صاحبة 47 عاماً أن تدرس الثانوية العامة هذ السنة، وتنجح بجدارة بعدما انقطاع عن الدراسة دام أكثر من عقدين. 

تكسو الفرحة ملامح وجهها، وهي تتحدث إلينا في لقاء خاص معها عن قصة نجاحها التي خاضتها قبل أن تبلغ الخمسين من عمرها، وذلك بعدما حرمت من إكمال تعليمها في مدنيتها كفرنبل قبل أعوام بعيدة.

تقول : “كل ما حدث معنا من ظروف معيشية صعبة، و مرارة النزوح والبعد عن بيت العائلة، وخروجنا من كفرنبل الحبيبة قبل ثلاث سنوات كانت دافعاً قوياً لي لأخذ هذه الخطوة، ولم أجد أفضل من التعليم والعودة إلى الدراسة رغم كبر سني، للتغلب على الحياة التي أجبرنا عليها في سنوات الحرب الماضية”. 

 

حوّلت “أم عبدو” خيمتها الصغيرة التي تسكن فيها مع زوجها وأولادها الثلاثة ووالد زوجها، في منطقة” باريشا” في ريف إدلب مكان نزوحهم الحالي، إلى غرفة للدراسة، فجميع أولادها طلاب شهادات، اثنين منهم يدرسون التاسع، ابنتها الكبرى طالبة بكالوريا مثلها، ما شجعها على الدراسة معهم بل أكثر منهم، كي تعطيهم حافزاً أكبر للدراسة والنجاح رغم كل الظروف السيئة التي يعيشونها. 

تكمل حديثها معنا، تقول “الفكرة تحولت إلى تحدي، والأيام أصبحت تمشي بسرعة، بعدما أحضرت الكتب من صديقة ابنتي، وبدأت أدرس أنا وهي، وفي بعض الأحيان أجبرها على الدراسة أكثر لأنها كانت تمر بحالة نفسية سيئة، فكنت المشجع  الأول، والدافع القوي لها”. 

بدأت “أم عبدو” رحلتها الدراسة، وحضرت بعض المواد في معهد دراسي، وبعض المواد الأخرى الأكثر صعوبة لجأت إلى عدد من المدرسين لفهم المنهاج، وأكملت باقي السنة الدراسية لوحدها، تخبرنا أنها لاقت الدعم المعنوي من عائلتها ومعلميها وجميع من يقابلها ويعرف أنها تدرس الثانوية العامة. 

 

معاناتها مع الأمراض كانت إحدى الصعوبات التي واجهت “أم عبدو” فهي مريضة ربو وسكر وضغط، والتهاب مفاصل، وزادت من معاناتها ضيق المعيشة والسكن، فهي تعيش مع عائلتها في خيمة مسقوفة بشادر قماشي، وفي كثير من الأحيان كانت تحول هذه العقبات دون إكمال حلمها الدراسي، وتدفعها لليأس والاستلام من جهة، وفي نفس الوقت كانت هذه التحديات الدافع الوحيد الذي أجبرتها على إكمال الدراسة أملا في تغيير حياتها للأفضل”. 

ليس بعيداً عن الدراسة والتعليم، وجدت “أم عبدو” مكاناً لها في أحد مساجد البلدة التي تسكن فيها، فهي بالوقت ذاته معلمة قرآن كريم، كانت تقضي وقتا جيداً في تعليم الأطفال القراءة السلمية ضمن أحكام التجويد، تقول لنا : إن “العلم لا يعرف صغيرا أو كبيًر، بل كل دروب السعي والنجاح تؤدي إلى اكتساب خبرات جديدة، تمهد لك الطريق لنجاح جديد”. 

انتهى العام الدراسي، و تكللت جهود عائلة “أم عبدو” بنجاحها ونجاح جميع أفراد أسرتها، في صفوفهم الدراسية، وبدأت رحلة الاستعداد إلى الدراسة الجامعية لها ولابنتها بعد حصولهما على مجموع جيد يؤهلهم لإكمال دراستهم. 

” أم عبدو” سيدة من مئات النساء السوريات اللواتي واجهن ظروف حياتهن الصعبة في الداخل السوري، بالتحدي والإنجاز والنجاح سواء في العمل أو الدراسة أو المهن اليدوية، دون أن يركنّ إلى اليأس والفقر والعوز والاستسلام وصنعن من المحنة منحة للنجاح والتغيير.