Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

بشار الأسد يتحدث عن الضربة الأميركية

بشار الأسد

إذا كنت تريد الحق ولا تريد الباطل فإن الصحفي “أبو عركوب” الذي تمكن من إجراء لقاء مع بشار الأسد، في هذه الظروف العصيبة، عبقري، وهو الذي يستحق أن تُجرى معه المقابلات، وتُمنح له الجوائز، وتُشَيَّر مقالاته، وتعمم على الصحف ومواقع السوشيال ميديا..

حاولنا أن نفهم من “أبو عركوب” حقيقةَ ما جرى بينه وبين بشار الأسد، وكيف استطاع أن يصل إليه في مخبئه، فاعتذر عن الإدلاء بأي تصريح، وقال، مبتسماً، إنه “إذا باحَ بأيِّ حرفٍ سيتكدسُ الليلكُ في الدروبِ”، على حد تعبير السيدة فيروز في القصيدة التي غنتها من شعر نزار قباني، والليلكُ لا يمكن أن ينمو في أيام الحروب الأهلية، لأن رائحة البارود التي تنجم عن الذخائر التي يطلقها الإخوة الإرهابيون على سورية الأسد، قلعة الصمود والتصدي، يؤثر على بَتَلَات الليلك والبنفسج، وإذا أخذ الإخوة الإرهابيون جرعة دَعم من الصهيونية والإمبريالية فإنهم يضربون شعبنا في الغوطة بالكيماوي، وما أدراك ما الكيماوي، ووقتها يستحيل أن يتكدس في الدروب ليلكٌ أو بنفسج، أو ما يحزنون..

قلنا للأخ الصحفي “أبو عركوب”، ألا تلاحظ أنك أصبحت تتحدث، وتفند الأمور، بطريقة الأخ بشار الأسد نفسها؟ قال: يا له من تشبيه بليغ، نعم، أنا أتحدث مثله، وهو يتحدث مثلي.. وهذا ما جعلني أنتظر أكثر من نصف ساعة عسى أن يفطن السيد الرئيس فيُكَوّع في حديثه صوب الضربة الأميركية المحتملة، دون جدوى، فقد ظل مستغرقاً بالكلام عن مشاريعه الإصلاحية والتنموية، وولعه بالحريات العامة، وحقوق الإنسان، وابتكار أساليب حكم ديمقراطية لم تكن معروفة حتى لدى الدول التي اخترعت الديمقراطية!

ويضحك السيد الرئيس ضحكته التي تملأ قلبَ محدثه أُنْسَاً وأماناً ويقول لي:
– أين الذكاء والألمعية، يا أبا عركوب، في أن تأتي أنت لتعمل ديمقراطية، وإذا بك تستورد ديمقراطية استعملها غيرك؟ باختصار، يا حبيبي، هي ديمقراطية مستعملة! وأنت تعرف أن “الجديد”، كما يقول تجار السيارات، يصلح لشراء الرجل الغشيم، فإلى أنْ يَتعرق “الجديد” يكون “العتيق” قد تَخّ.. أنا الآن، والكلام ما يزال للسيد الرئيس، أفكر جدياً في اختراع ماركة، أو وشم، أو نضوة، توضع على جبين كل إنسان ديمقراطي متأثر بي، فأنا، كما تعلم، مَدْرسة في الديمقراطية مستقلة بذاتها، ومختلفة عن مدرسة رئيس سورية السابق حافظ الأسد، فحافظ كان يقول إن معالجة عيوب الديمقراطية يكون بتطبيق المزيد من الديمقراطية، وأما أنا فقد اشترطتُ على فريقي الرئاسي المختص بالديمقراطية الذي أسميته “أبو الدَّمَقْطَقْ” أن يصمم لي ديمقراطية ذات ماركة مسجلة، وكما تعلم فقد انطلقت الماكينة الديمقراطية في عهدي انطلاقة جبارة، والسبب أن “أبو الدَّمَقْطَقْ” رَكَّبَ للماكينة ما يسمونه “سِكْر عدم الرجوع”، وملخص عمله أن الشريحة الشعبية التي تطبق عليها ديمقراطيتي يمكن أن تموت ولا تتراجع، وكما تعلم فإن المثل الشعبي يقول الرَجْعَة فَجْعَة، وهناك مثل آخر يقول كل شي له دواء ما عدا الهبل.

قلت لـ “أبو عركوب”: أرجوك دعنا نصل إلى بيت القصيد، فأنت ذهبت أساساً لتسأل الأسد عن موقفه من الضربة الأميركية. قال أبو عرقوب: أقول لك كلمتين تضعهما في أذنيك مثل الحلق؟ قلت: يا ريت. قال: إن آلية تفكير الرئيس الأسد بالضربة الأميركية المحتملة لا تخرج عن سياق حديثه عن الديمقراطية، إنه هاجس مقيم لديه، فقد قال لي إن أميركا انزعجت من ديمقراطيتنا التي ركبنا لها “سِكْر عدم الرجوع”، ومن تصريح كان قد أطلقه الأستاذ وليد المعلم، ولعلمك فإن وليداً يطلق أشياء كثيرة، من بينها التصريحات، ففي سنة 2011 قال بالحرف الواحد: سيكون لدينا في سورية نظام ديمقراطي غير مسبوق.. وهو لم يكن يعرف أن كلمة (مسبوق) في حلب تعني (مزنوق).. فضحك الناس وقتها من وليد.. سامحه الله.

في هذه اللحظة شعر السيد أبو عركوب بالأمان، وقال لبشار الأسد: ولكن يقولون إنكم ورثتم الحكم عن والدكم.. فمن أين جاءت الديمقراطية؟ ههنا ضحك مرة أخرى وقال:
– أبداً لم أرث الحكم. ففي السياسة هناك شخصيات مستقلة، قد يتشابه اسمٌ مع اسم، وكنية مع كنية. فبعد أن توفي حافظ الأسد، جاءت مجموعة من الرجال إلى أمام مجلس الشعب، وهتفت: بالروح بالدم نفديك يا بشار الأسد. هنا حصل التشابه، ولكن، برأيك، أليس من حق هؤلاء الناس أن يعبروا عن رأيهم؟ الذي حصل بعد هذا أن مجلس الشعب سرعان ما اجتمع وصار “يبعبص” بالدستور.. طيب. أليست هذه البعبصة من حقه؟ وبالمصادفة البحتة اجتمعت القيادة القطرية واقترحت اسمي لأكون مرشحاً للرئاسة.. هذا كل ما في الأمر.. وإذا بدك الصراحة، ليس المهم في سورية من يكون الرئيس، المهم كيف سيُحْكَم هذا البلد المعطاء، وليس المهم أن تضربنا أميركا، وإنما: أين ومتى وكيف ولماذا يضربوننا؟ هذه هي المسألة.