Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

“أطفال الخردة” ظاهرة تغزو سوريا.. من يتحمل مسؤوليتها؟ 

خاص - SY24 

تغزو تجمعات الأطفال أمام مكبات القمامة والحاويات معظم الأحياء الشعبية في مختلف المدن والمناطق في العاصمة دمشق وريفها، وكذلك باقي المحافظات السورية، في مشهد يلخص الوضع المأساوي الذي وصلت إليه البلاد، والفقر الشديد الذي يخيم على الأهالي، الذين دفعوا بأبنائهم إلى البحث عن لقمة العيش في الشوارع وبين أدوات الخردة. 

منصة SY24 رصدت عدة مشاهد لأطفال وشبان ينبشون حاويات النفايات بحثاً عن المعادن وقطع الكرتون والبلاستيك وأدوات الخردة، وأي شيء يمكن بيعه والاستفادة من ثمنه، لتأمين مصروفهم اليومي، وسط موجة غلاء معيشي غير مسبوقة في ظل سيطرة النظام والميليشيات التابعة له. 

خارج أبواب المدرسة، يقضي هؤلاء الأطفال يومهم في الشوارع والحارات الشعبية، غير آبهين بضياع مستقبلهم الدراسي، يلهثون وراء علبة كولا فارغة، أو قطعة بلاستيك مرمية، يجمعونها في أكياس كبيرة، يحملونها على ظهورهم الصغيرة، بدلاً من حمل حقائب المدرسة، يقضون وقتاً طويلاً لا ينتهِ إلا بحلول الظلام، وقد جمع كل منهم رزقه على ظهره، يعودون بثيابهم المتسخة إلى ذويهم استعداداً ليوم عمل جديد في مكان آخر. 

في منطقة “عقربا” بالغوطة الشرقية، رصدت عدسة مراسلنا يوم أمس، صورة طفل لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره، ينقل عبر دراجته الهوائية أكياس كبيرة، كان قد ملأها بالخردة والنايلون، وكل ما يمكن بيعه، كغنيمة يومية حصل عليها من حاويات القمامة ومكبات النفايات المنتشرة بكثرة في الغوطة. 

يمثل هذا الطفل حال مئات الأطفال السوريين الذين تسربوا من المدارس في سبيل البحث عن لقمة عيشهم في الطرقات وبين النفايات، وهناك عدد كبير منهم لايعرف القراءة أو الكتابة بسبب عملهم هذا المستمر منذ سنوات، ووفق لمصدر خاص في الغوطة، أكد أن نسبة الأطفال المتسربين من المدارس تجاوزت 45 بالمئة، ما ينذر بكوارث حقيقية في المستقبل، على مستوى الطفل والمجتمع معاً.

مراسلنا رصد أيضاً عدة حالات مشابهة لأطفال كثر يمارسون هذا العمل بشكل يومي، منذ ساعات الصباح الأولى،  تتراوح أعمارهم بين السابعة والخامسة عشر، غطت ملامح وجوههم وثيابهم بقعاً سوداء من أثر البحث طيلة النهار في القمامة، مؤكداً أن معظمهم أيتام أو يفقدون أحد ذويهم، أو أن أهلهم مصابين وعاجزين عن العمل. 

وأشار المراسل أن معاناة هؤلاء الأطفال تزيد عندما يكونون نازحين من مناطقهم الأصلية، ولا يحصلون على أي مساعدات إنسانية أو معونات غذائية كونهم من خارج المنطقة التي يقيمون فيها حسب ما أكده كثير من الأهالي. 

وفي وقت سابق، رصدت منصة SY24 عن قرب تأثير الأزمات المعيشية الخانقة التي يعيشها الأهالي  في الداخل السوري، خاصة مع انقطاع معظم مقومات الحياة، وانهيار قيمة الليرة السورية، والتضخم الاقتصادي الذي يشهده السوق، مخلفاً فجوة كبيرة بين معدل الدخل والإنفاق. 

وهذا كله ترك أثراً واضحاً على قطاع الزراعة، والثروة الحيوانية، تزامناً مع قلة فرص العمل المتاحة، واشتداد أزمات المواصلات والمحروقات والكهرباء، ودفعت جميع تلك الأسباب مئات الأطفال للانتشار في سوق العمل، والطرقات، والمناطق الصناعية، للبحث عن عمل قد لا يناسب أعمارهم، وحتى إن كانت الأجور متدنية، فضلاً عن توجه قسم كبير منهم إلى التسول والبحث بين الحاويات والطرقات ومكبات النفايات عن المواد البلاستيكية وعلب الكرتون والتنك لجمعها وبيعها. 

إذ يكاد لا يخلُ شارع أو حي من طفل أو أكثر يقومون بالنبش والبحث بين أكوام النفايات، وجمع المواد التي يمكن بيعها في أكياس علقوها على أكتافهم، وآخرين يجلسون أمام بسطات بيع صغيرة، يعرضون البسكوت وعلب المحارم على المارة لشرائها، إضافة إلى توجه مئات الأطفال إلى مهن شاقة لاتناسب أعمارهم وأجسادهم الصغيرة، مثل ورش تصليح وصيانة السيارات والآليات، أو ورش الحداد، وكذلك العتالة وحمل الأشياء الثقيلة، مقابل مبالغ مالية زهيدة تساعد أسرهم في تأمين لقمة العيش 

يذكر أن انتشار الجهل والبطالة والمخدرات وغيرها من الأسباب أدت لتدهور الوضع بشكل كبير دون تدخل يذكر من مديرية التربية والتعليم التابعة للنظام أو تقديم حلول ولو جزئية للمساعدة بتخفيف هذه الحالة.