Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

إيران تمد نفوذها في سورية من بوابة الاتصالات الخليوية.. فما هدفها من وراء ذلك؟

أحمد زكريا – SY24

بعد تجميد الاتفاق منذ العام 2017، عادت حكومة نظام الأسد واستأنفت  تفعيله مع إيران والذي يقضي بتشغيل شبكة ثالثة للهاتف الجوال في سوريا.

وفي بداية العام 2017، زار رئيس حكومة نظام الأسد” عماد خميس” طهران ووقع مذكرات تفاهم تتعلق بتشغيل شركة إيرانية، مشغلاً ثالثاً للهاتف الجوال، واستثمار الفوسفات السوري لمدة 99 سنة، والاستحواذ على أراضٍ لأغراض زراعية وصناعية، وإقامة ميناء نفطي على البحر المتوسط، إضافة إلى توقيع خط ائتمان جديد من إيران بقيمة مليار دولار أميركي، يستخدم جزء منه لتمويل تصدير نفط خام ومشتقات نفطية إلى سوريا.

وذكرت مصادر إعلامية مطلعة، أن خلافاً حصل بين روسيا وإيران على تقاسم الحصص وأماكن توزع الثروات آنذاك، الأمر الذي حال دون تنفيذ تلك الاتفاقيات مع حكومة نظام الأسد في تلك الفترة من العام 2017.

كما أن استيلاء روسيا على مشروع الفوسفات قرب تدمر، زاد من توتر العلاقات بين موسكو وطهران في سوريا، خاصة وأن “سوريا تمتلك أحد أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم، بـ1.8 مليار طن، يقع معظمه في المنطقة الشرقية، ويصدر قسم منه إلى إيران”، حسب ذات المصادر.

واليوم تعود عجلة هذا الاتفاق المجمد منذ عامين للدوران من جديد، إذ أشارت المصادر إلى نية حكومة نظام الأسد “بدء تنفيذ اتفاق بين شركة إيرانية والمؤسسة العامة للاتصالات التابعة لنظام الأسد ، لتشغيل مشغل ثالث للهاتف الجوال في سوريا، واستحواذه على حصص من شركتي “سيريتل وإم تي إن”،  وسط استمرار المفاوضات لوضع اللمسات الأخيرة على شروط العقد، والحصص التي ستعود إلى رجال أعمال وشخصيات رسمية في دمشق وطهران”.

وتساءل مراقبون كيف سيتم تنفيذ هذا العقد مع الشركة الإيرانية لتشغيل شبكة اتصالات خليوية جديدة في سوريا، في ظل عدم رضا روسيا عليه وفي ظل البنى التحتية المدمرة أصلا، وفي ظل سوء شبكات الاتصالات السابقة المعتمدة في سوريا وهي “إم تي إن وسيريتل”.

وفي هذا الخصوص قال الباحث الاقتصادي السوري “أدهم قضيماتي” لـ SY24، إن ” روسيا وإيران تتطلعان إلى قطف ثمار تدخلهم العسكري في سوريا، وخاصة بعدما أصبح خروج الثوار من أي منطقة ناتج عن اتفاقيات دولية، وقد كان دخول شركة اتصالات ايرانية إلى سوريا في عام 2010 أحد الخيارات المطروحة في ظل تنافس عدد من الشركات السعودية والأردنية والتركية والإيرانية فيما بينه”.

وتابع إن “الشروط التعجيزية التي كانت موضوعة من قبل نظام الأسد  لتحقيق مصالح شخصية و وجود خلاف سياسي بين هذه البلدان بعد انطلاق الثورة السورية، أغلق الأبواب أمام تلك الشركات باستثناء الشركة الإيرانية والتي أبرمت اتفاقها مع نظام الأسد  في مطلع عام 2017، ليحق لها إدخال مشغل اتصالات ثالث إلى سوريا، وتكون إيران بذلك قد قطفت أولى ثمارها المادية”.

ووسط تلك الأنباء عن هذه الاتفاقية، كشفت مصادر إعلامية عن اقتراح لتشكيل شركة “إيرانية سورية” حسب العقد الذي سيتم توقيعه ما بين طهران وحكومة نظام الأسد، إذ “يضمن العقد 40% لشركة ورجال أعمال من إيران، و40% لرجال أعمال سوريين، و20% لــ “المؤسسة العامة للاتصالات” التابعة لنظام الأسد، على أن يمثل الجانب الإيراني  شركة “إم سي آي” وهي جزء من مؤسسة تحتكر الاتصالات في إيران”.

في حين يرى مراقبون، أن تفعيل تلك الاتفاقية المثيرة للجدل جاءت على هامش معرض دمشق الدولي الذي تمت إقامته على الرغم من التهديدات الأمريكية للشركات من مختلف الدول بعدم المشاركة فيه تحت طائلة فرض عقوبات عليهم، لافتين إلى أن الشركات الإيرانية ورغم تلك التهديدات استحوذت على 60% من المعرض.

ويرى “قضيماتي” أنه “في ظل العقوبات الأمريكية على إيران فإنها  تلجأ إلى التسريع بتطبيق الاتفاقيات التي أبرمت مع نظام الأسد في محاولة منها لتخفيف الضغط الاقتصادي عليها بفتح استثمارات خارجية في مختلف القطاعات”.

 ولكن مع وجود العقوبات المتزايدة على كل من نظام الأسد وإيران، حسب “قضيماتي”، فإنه “من غير المتوقع تحقيق كل ما تتطلع إليه إيران في سوريا، وخاصة بعد إقرار قانون سيزر الخاص بسوريا مطلع العام الحالي، والذي زاد الخناق على كل الشركات التي تدعم نظام الأسد وتحاول الالتفاف على العقوبات الأمريكية، وبالتالي سيعود بالضرر بشكل مباشر على المصالح الإيرانية في سوريا”.

من جهة ثانية، تساءل مراقبون عن عقود النفط والفوسفات هل سيكون لإيران نصيب فيها، خاصة وأنه على هامش معرض دمشق الدولي وقّع نظام الأسد عدد من الاتفاقيات مع روسيا فيما يخص هذا الجانب على الرغم من التواجد الإيراني في المعرض إلى جانب روسيا؟.

وفي هذا الجانب أوضح “قضيماتي” أنه “من المستبعد وجود استفادة كبيرة لإيران في هكذا قطاعات لأن القوات الروسية والقوات التابعة لها في سوريا كقوات النمر، قد أزاحت المليشيات الإيرانية من أكبر المواقع المنتجة للفوسفات الموجودة في سوريا، لافتًا إلى أن  سوريا تعتبر من أكبر بلدان العالم المالكة لاحتياطيات الفوسفات، وأنه منذ عام 2018 يتم  تصدير الفوسفات من سوريا بشكل متزايد عن طريق شركات روسية عبر لبنان”.

ويثير اهتمام طهران بقطاع الاتصالات في هذه الفترة بالذات، الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي تدفعها من جديد لإعادة تفعيل الاتفاق المجمد منذ عام 2017، وما الفائدة التي ستجنيها؟ ولماذا لا تلتفت لاقتصادها المنها أصلًا من أجل دعمه وتخفيف حدة احتقان الشارع الإيراني ضد النظام الحاكم في طهران؟.

وتعتبر شركة الاتصالات الإيرانية الجديدة ” إم سي آي” التي ستتواجد قريبا على الأراضي السورية ،مرتبطة بشكل مباشر مع ميليشيا الحرس الثوري الإيراني الممول الرئيس لها، الأمر الذي يندرج في إطار محاولات إيران ومخططاتها الخبيثة في توسعة نفوذها وهذه المرة من بوابة الاتصالات الخليوية للاستحواذ عليها، وبالتالي جعل السوريين تحت مراقبتها المباشرة على مرأى ومسمع من رأس النظام بشار الأسد.